الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص2099
والمالكية، والحنفية، والشافعية في أصح قوليهم، والحنابلة في إحدى روايتهم – قالوا: أنه لا يجزئ الاطعام في كفارة قتل الخطأ، نظراً إلى عظم حرمة المؤمن، فخص الكفارة بما هو أعلى قيمة غالباً من الإطعام، ولأنه لم يرد به النص القرآني، والمقادير تعرف بالتوقيت، ولأن اللّه تعالى جعل المذكور في الآية كل الواجب بحرف الفاء أو لكونه كل المذكور على ما عرف، ويجزئه رضيع أحد أبويه مسلم، لأن شرط هذا الإعتاق الإسلام وسلامة الأطراف والأول يحصل بإسلام أحد أبويه، والثاني بالظهور، إذ الظاهر سلامة أطرافه، ولايجزئه ما في البطن لأنه لم تعرف حياته ولا سلامته.
الشافعية، والحنابلة في الروايتين الأخريين، – قالوا: إن الإطعام حين العجز عن الصوم يجزئ، مثل كفارة الظهار.
الحنفية، والشافعية، والحنابلة – قالوا: تتجب الكفارة في قتل الذمي على الاطلاق، وفي قتل العبد المسلم وذلك للعمل بوصية رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على الذمي، في وعد من ظلمه بأن يكون صلى اللّه عليه وسلم حجيجه يوم القيامة، في نحو قوله: (من ظلم ذمياً كنت حجيجه يوم القيامة) فإذا كان هذا فيمن ظلمه ولو بأخذ درهم من ماله أو بكلمة في عرضه مثلاً فكيف بمن قتله بغير حق.
وأما وجوب الكفارة في قتل العبد المسلم فلدخولها في وصيته صلى اللّه عليه وسلم في حال احتضاره، بقوله صلى اللّه عليه وسلم: (الصلاة وما ملكت أيمانم) وقد ورد أن الوصية على الأرقاء من أواخر ما تكلم به رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو محتضر، فصار يقول ذلك بتكلف لا يكاد لسانه يبينها، فوجب احترامه كل الاحترام، ومن جملة احترامه وجوب الكفارة في قتله.
المالكية – قالوا: لا تجب الكفارة في قتل الذمي، لأن وصية رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على أهل الذمة محمولة على فعل أمور مخصوصة، كأخذ ماله بغير حق، وكالوفاء بذمته، وبغير الكفارة كتكفينه، ودفنه، إذا مات ونحو ذلك دون وجوب الكفارة في قتله، فإنه مراق الدم في الجملة من حيث كفره باللّه، وتكذيبه لرسوله صلى اللّه عليه وسلم.
الحنفية، والمالكية، والحنابلة في إحدى روايتهم – قالوا: لا تجب الكفارة في قتل العمد، لأن الشارع شدد في أمر القاتل عمداً بالقتل، أو الدية إذا عفا الأولياء عن قتله إلى الدية، فلا يزاد على ذلك، لأنه كبيرةة محضة وفي الكفارة معنى العبادة فلا تناط بمثلها، ولأن الكفارة من المقادير وتعينها في الشرع لدفع الأدنى، لا يعينها لدفع الأعلى.
الشافعية – قالوا: تجب الكفارة في قتل العمد، لأن الحاجة إلى التكفير في العمد أمس منها إليه في الخطأ، فكان أدعى إلى إيجابها، لأن العامد أغلظ إثماً ممن كان قتله خطأ فكانت الكفارة به اليق من الخطأ.
قالوا: وتجب على كل واحد من الشركاء في القتل كفارة في الأصح، لأنه حق يتعلق بالقتل فلا يتبعض كالقصاص. ولأن الكفارة لتكفير جناية القتل، وكل واحد قاتل، ولأن فيها معنى العبادة، والعبادة الواجبة على الجماعة لا تتبعض.
وقيل: تجب الجميع كفارة واحدة، كقتل الصيد.