الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص2087
ويقدم في تحمل الدية من العصبة الأقرب، فالأقرب على البعد منهم، فإن لم يوف القرب بالواجب بأن بقي منه شيء فيوزع الباقي على من يليه، ويقدم ممن ذكر مدل بأبوين على مدل باب كالأرث، ويجب التسوية بينهما، لأن النوثة لا مجخل لها في تحل العاقلة فلا تصلح للترجيح، ثم بعد عصبة النسب إن فقدوا، أو لم يوف ما عليهم بالواجب يقدم معتق للخبر الوارد عن النبي صلى اللّه عليه وسلم (الولاء لحمة كلحمة النسب) فإن فقد المعتق أو لم يف ما عليهم بالواجب، تقدم عصبته من نسب غير أصلهوغن علا، وفرعه وإن سفل يقدم الأقرب فالأقرب، لما رواه الشافعين والبهقي (أن عمر قضى على علي رضي اللّه تعالى عنهما بأن يعقل عن موالي صفية بنت عبد المطلب) لأنه أبن أخيها دون ابنها الزبير ثم ممعتق المعتق، ثم عصبته كذلك، ثم معتق معتق الأب وعصبته، فإن لم يوجد يتحمل معتق الجد ثم عثبته كذلك إلى حيث ينتهي الأرث.
قالوا – وعتيق المرأة – الجاني – تعقله عاقلتها ولا يضرب عليها، ومعتقون كمعتق واحد، فيما عليه كل سنة وكل شخص من عصبة كل معتق بتحمل ما كان يحمله ذلك المعتق في حياته من نصف أو ربع.
قالوا: ولا يقل عتيق عن معتقه في الظهر، كما لا يرث – وقيل: يعقل لأن العقل للنصرة والإعانة، فإن فقد العاقل ممن ذكر أو وجد ولم يعرف ما عليه الواجب عقل ذوو الأرحام إن قلنا بثوريتهم. ثم يعقل بيت مال المسلمين عن الجاني المسلم، كما يرثه وللحديث الوارد عن الرسول صلوات اللّه وسلامه عليه: (انا وارث من لا وارث له، اعقل عنه وأرثه) اخرجه أبو داود والنسائي، فإن فقد بيت المال بأن لم يوجد فيه شيء، أو لم ينتظم امره بحيلولة الظلمة دونه، اولم يعرف بيت المال فتجب الدية كلها، أو الباقي منها على الجاني في ماله في الأصح. بناء على أنها تلزمه ابتداء ثم تتحملها العاقلة. فتجب عليه الدية صيانة للحق من الضياع، فلا يسقط كيلا يضيع دم المسلم هدراً، وتؤجل على الجاني إذا وجبت عليه، فيؤخذ منه ثلث الدية عند الحول، ولو مات في أثناء الحول يحل الأجل على الأصح.
قالوا: وتؤجل على العاقلة جية نفس كاملة بإسلام وحريةن وذكورية، ثلاث سنين، في آخر كل سنة ثلث من الدية، لما رواه البيهقي من قضاء عمر، وعلي رضي اللّه عنهما وعزاه الشافعي إلى قضاء النبي صلى اللّه عليه وسلم، وإنما تؤخذ في آخر كل سنة، لأن المنافع كالزرع والثمار، ونتاج الأبل تتكرر كل سنة، فاعتبر مضها وليجتمع عنجهم ما يتوقعونه، فيواسون عن تمكن.
وتؤجل دية الذمي على الصح سنة، لأنها قدر ثلث دية المسلم، وقيل: تؤجل ثلاثاً لأنها بدل نفس محترمة، وتؤجل دية امرأة مسلمة سنتين في آخر الأولى منهما ثلث من دية نفس كاملة، والباقي آخر السنة الثانية، وقيل: تؤجل جيتها ثلاث سنين، وتحمل العاقلة الجناية على العبد من الحر في الأظهر، ففي آخر كل سنة يؤخذ من قيمته قدر ثلث دية، وقيل: تؤخذ كلها في ثلاث سنين لأنها بدل نفس محترمة.
ولو قتل شخص رجلين فتؤجل ديتهما على عاقلته في ثلاث سنين، لأن الواجب ديتان مختلفتا، وقيل: تؤجل ديتهما في ست سنين، في كل سنة قدر سدس دية، لأن بدل النفس الواحدة يضرب في ثلاث سنين فيزاد للأخرى مثلها.