الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص2083
وأما إذا تعمد الجاني قتل الجنين بضرب رأس أمه، فالراجح أنه تجب الدية عليه، كتعمده بضرب يدها، أو رجلها.
والحاصل أن في ضرب البطن، والظهر، والرأس خلافاً، فقال أبن القاسم يجب القصاص بقسامة، وقال أشهب: لا قود فيه، بل يجب الدية في مال الجاني بقسامة أيضا، وأما تعمده الضرب في غير هذه المواضع فتجب الدية في ماله بقسمة، ومحل القصاص في تلك المسائل إن لم يكن الجاني الب، أما إذا كان الجني هو الب فلا يقتص منه إلا إذا قصد قتل الجنين بضرب بطن الأم خاصة.
ويجب تعدد الواجب من عشر أو غرة إن لم ستهل، ودية إن استهل بتعدد الجنين، ثم إن كان القتل خطأ، وبلغ الثلث فتحمله العاقلة، وأما إن كان عمداً، أو كانت الغرة أقل من الثلث فلا تتحمله العاقلة، بل يجب في مال الجاني حالاً معجلاً.
وورث الواجب في الجنين من عشر، أو غيره على الفرائض المعلومة شرعاً، الشاملة للفرض، والتعصب، فللأب الثلثان، وللأم الثلث ما لم يكن له اخوة، وإن كان له اخوة فللأم السدس وهيذا هو الراجح من المذهب، خلافاً لمن قال: تختص به الم، إذا لم تكن هي الجانية، والقائل به ربيعة، وذلك لأنها كالفرض عن جزء منها، وخلافاً لقول أبن هرمز حيث قال: للم والب على الثلث والثلثين، ولو كان له اخوة، وكان له اخوة، وكان الإمام مالك يقول بهذا الرأي اولاً، ثم رجع إلى القول الول لأنه الراجح.
واعلم بأنه إذا كان المسقط للجنين احد الآبوين كان هو القاتل، فلا يرث من الواجب المذكور شيئاً، لأن القاتل لا يرث.
مبحث في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله
الحنفية – قالوا: الدية في شبه العمد، وفي الخطأ، وكل دية تجب بنفس القتل على العاقلة، والعاقلة هم الذين يؤدون الدية، والأصل في وجوبها على العاقلة قول النبي صلى اللّه عليه وسلم في حديث حمل بن مالك رضي اللّه تعالى عنه للأولياء (قوموا فدوه).
ولأن النفس محترمة لا وجه إلى الإهدار، والخاطئ معذور، وكذا الذي تولى شبه العمد نظر إلى الآلة فلا وجه إلى إيجاب العقوبة عليه، وفي إيجاب مال عظيم اجحافة، واستئصاله، فيصيل عقوبة، فضم عليه العاقلة، فكانوا هم المقصرون في تركهم مراقبته، فخصوا به.