الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص2082
قالوا: والجنين الرقيق، ذكراً كان أو غيره فيه عشر قيمة امه، قنة كانت أو مديرة، أم مكاتبه، أو مستولدة، قياساً على الجنين الحر، فإن الغرة في الجنين معتبرة بعشر ما تضمن به الم، وإنما لم يعتبروا قيمته في نفسه لعدم ثبوت استقلاله بانفصاله ميتاص، واستثنى ما إذا كانت الأم هي الجانية على نفسها، فإنه لا يجب في جنينها المملوك للسيد شيء، إذ لا يجب للسيد على رقيقه شيء، وتعتبر قيمة الم يوم الجناية عليها، لأنه وقت الوجوب، وقيل: يوم الإجهاض للجنين، لأنه وقت استقرار الجناية. هذا إذا انفصل الجنين ميتاً كما علم سابقاً، فإن انفصل حياً، ومات من أثر الجناية، فإنه يجب فيه قيمته يوم الانفصال قطعاص، وإن نقصت عن عشر قيمة امه، وتصرف الغرة في الجنين لسيده، فإن كانت الأم مقطوعة أطرافها والجنين سليم أطرافه قومت بتقديرها سلمية في الأصح لسلامته، كما لو كانت كافرة، والجنين مسلم، فإنه يقدر فيها الإسلام، وتقوم مسلمة، وكذا لو كانت حرة والجنين رقيق، فإنها تقدر رقيقة. وهكذا.
قالوا: وتحمل العشر المذكورة عاقلة الجاني في الأظهر من المذهب كما مر في الغرة، وإذا سقط جنين ميت فادعى وارثه على إنسان أنه سقط بجنايته فأنكر صدق بيمينه، وعلى المدعي البينة، ولا يقبل إلا شهادة رجلين، فإن أقر بالجناية، وانكر الاسقاط بجنايته فأنكر صدق بيمينه، وعلى المدعي البينة، ولا يقبل إلا شهادة رجلين، فإن أقر بالجناية، وأنكر الاسقاط، وقال: السقط ملتقط، فهو المصدق أيضاً، وعلى المدعي البينة، ويقبل فيها شهداة النساء، لأن الإسقاط ولادة.
المالكية – قالوا: في إلقاء الجنين سبب ضرب، أو تخويف لغير وجه شرعي – أما إذا كان بسبب ضرب للتأديب فلا شيء فيه – أو بسبب شم ريح عفنة، أو فتح كنيف، إن كان علقة – دم لا يذوب من صب الماء الحار عليه – سواء أكانت الجناية خطأ، أو عمداً من أجنبي، أو أم، كشر بها ما يسقط به الحمل. فأسقطته ذكراص، أو أنثى، كان من زوج، أو زنا، فيجب فيه عشر واجب أمه، فإن كانت الم حرة وجب عشر ديتهان وإن كانت الم أمة وجب فيه عشر قيمتها، وتعتبر قيمتها يوم الضرب، وقيل: يوم الإلقاء، وإن جنى أب فعليه عشر دية أم الجنين لغيرهن ولا يرث منه، ويكن العشر الواجب نقداً معجلاً حالاً في مال الجاني عمداً، أو خطأ، ما لم تبلغ الغرة ثلث ديته، فتكون على العاقلة كما لو ضرب مجوسي حرة مسلمة فألقت جنيناً، أو تجب غرة في جنين الحرة، والتخيير يكون للجاني لا للمستحق. أما جنين الأمة فيتعين فيه النقد عبداً ووليدة بدل من غرة الأمة الصغيرة بلغت سبع الستين لتحرز التفرقة. وإنما يجب العشر، أو الغرة إذا نفصل عنها كله ميتاً وهي حية، فإن ماتت قبل انفصاله فلا شيء فيه لاندراجه في جية الم، وإن استهل، أو نزل ضارخاً، أو رضع، أو فعل شيئاً من كل ما يدل على أنه حي حياة مستقرة، فالدية لازمة فيه إن أقسم أولياؤه أنه مات من فعل الجاني، وإن مات عاجلاً ببعد تحقق حياته فإن لم يقسموا فلا غرة ولا دية، لأنه يحتمل موته، بغير فعل الجاني، فإن ماتت امه وهو مستهل ومات فتجب على الجاني ديتان، وإن تعمد الجاني بضرب بطن الأم فنزل مستهلاً ومات فالقصاص بالقسامة وهذا هو الراجح من الخلاف.