پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص2079

فإذا ضرب رجل بطن امرأة حامل فألقت من بطنها جنيناً ميتاً، فيجب فيه غرة، وهي نصف عشر دية الرجل، إذا كان ذكراً، وفي الأنثى عشر دية المرأة، وكل منهما خمسمائة درهم، لأن نصف العشر من عشرة آلاف درهم، هو العشر من خمسة آلاف درهم. والدليل على ذلك ما روي أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (في الجنين غرة، عبد أو أمة، قيمته خمسمائة) ويروى (أو خمسمائة) والغرة على العاقلة إذا كانت خمسمائة درهم، لأن النبي صلوات اللّه وسلامه عليه قضى بالغرة على العاقلة، ولأنه بدل النفس، ولهذا سماه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم دية، حيث قال: (دوه) وقالوا له: أندي من لا صاح ولا أستهل – الحديث.

إلا أن العواقل لا تتحمل ما دون خمسمائة درهم. وتجب في سنة، لما روي عن محمد بن الحسن رحمه اللّه تعالى أنه قال: (بلغنا أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم جعله على العاقلة في سنة) ولأنه إن كان بدل النفس من حيث أنه نفس على حجة، فهو بدل العضو من حيث الاتصال بالأم فعملنا بالشبه الأول قي حق التوريث، وبالثاني في حق التأجيل إلى سنة.

ويستوي فيه الذكر والأنثى، لإطلاق الحديث، ولأن في الحيين إنما ظهر التفاوت، لتفاوت معاني الآدمية، ولا تفاوت في الجنين، فيقدر بمقدار واحد، وهو خمسمائة.

فإن ألقته حياً ثم مات. فتجب في دية كاملة، لأنه أتلف حياً بالضرب السابق.

وإن ألقته ميتاً ثم ماتت ألم بعده، فعليه دية بقتل ألم، وعليه غرة بإلقائها الجنين، وقد صح أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قضى في هذا بالدية، والغرة.

وإن ماتت الأم من الضربة ثم خرج الجنين بعد ذلك حياً، ثم مات، فتجب عليه دية في الأم، ودية في الجنين، لأن موت الأم أحد سببي موته، لأنه يختنق بموتها، إذ تنفسه بتنفسها، فلا يجب الضمان بالشك، وما يجب في الجنين موروث عنه، لأنه بدل نفسه فيرثه، ورثته، ولا يرثه الضارب، حتى لو ضرب بطن امرأنه فألقت ابنه ميتاً، فعلى عاقلة الأب غرة ولا يرث منها، لأنه قالت بغير حق مباشرة، ولا ميراث للقال، هذا في جنين المرأة الحرة، وأما جنين الامة إذا كان ذكرا فيجب نصف عشر قمته لو كان حياً، وعشر قمته لو كان أنثى، لأنه بدل نفسه، لأن ضمان الطرف لا يجب إلا عند ظهور النقصان، ولا معتبر به في ضمان الجنين فكان بدل نفسه فيقدر بها، ويجب في مال الضارب مطلقاً من غير تقييد بالبلوغ إلى خمسمائة درهم.

وقال أبو يوسف: يجب ضمان النقصان لو انتقصت الأم اعتباراً بجنين البهائم، ولأن الضمان في قتل الرقيق ضمان ماله عنده. فصح الاعتبار على اصله.

فإن ضربت الأمة، فاعتق المولى ما في بطنها، ثم ألقته حياً، ثم مات، ففيه قيمته حياً، ولا تجب الدية، وإن ما بعد العتق، لأنه قتله بالضرب السابق، وقد كان في حالة الرق فلهذا تجب القيمة دون الدية، وتجب قيمته حياً، لأنه بالضرب صار قاتلاً إياه وهو حي فنظرنا إلى حالتي السبب، والتلف.