الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص2078
وقال زيد بن ثابت رضي اللّه عنه، ثلث الدية وما فوقها ينتصف، وما دونه لا يتنصف وبه أخذ الإمام الشافعي. وبما روي أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (تعاقل المرأة الرجل إلى ثلث الدية) وبما حكي عن ربيعة قال: قلت لسعيد بن المسيب: ما تقول فيمن قطع أصبع امرأة؟ قال : عليه عشر من الإبل، قلت: فإن قطع أصبعين منها؟ قال عليه عشرون من الإبل، قلت: فإن قطع ثلاث أصابع؟ قال: عليه ثلاثون من الإبل. قلت: فإن قطع أربع أصابع؟ قال: عليه عشرون من الإبل، قلت: سبحان اللّه! لما كثر ألمها، واشتد مصابها قل أرشها، قال: أعراقي أنت؟ فقلت: لا. بل جاهل مسترشد، أو عالم مستثبت، قال: إنه السنة، وبه أخذ الإمام الشافعي رحمه اللّه، والحجة عليه، ما رواه الحنفية بعمومه، وأن حالها انقص من حال الرجل، ومنفعتها أقل.
وقد ظهر أثر النقصان بالتنصيف في النفس، فكذا في أطرافها، وأجزائها، اعتباراً بها وبالثلث وما فوقه، لئلا يلزم مخالفة التبع للأصل، والحديث المروي نادر، ولو كان هذا الحكم سنة الرسول عليه الصلاة والسلام لما خالفوها.
وقالوا: ودية المسلم والذمي سواء، لما روي عن النبس صلوات الصلاة وسلامه عليه أنه قال: (دية كل ذي عهد في عهده ألف دينار) وكذلك قضى أبو بكر، وعمر رضي اللّه تعالى عنهما. وما رواه الشافعي رحمه اللّه لم يعرف راويه، ولم يذكر في كتب الحديث، وما رووه اشهر مما رواه الإمام مالك رحمه اللّه، فإنه ظهر به عمل الصاحبة رضوان اللّه تعالى عليهم.
وذلك في العمد والخطأ من غير فرق بينهما، لعموم الآية الكريمة، إن النفس بالنفس
ولم تنسخ بآية أخرى.
المالكية – قالوا: إن دية المرأة، ودية اليهودي، والنصراني، على النصف من دية الرجل المسلم، في العمد، والخطأ من غير فرق، وهي ستة آلاف درهم، وخمسمائة دينار، لقوله عليه الصلاة والسلام: (عقل المسلم) والكل عنده اثنا عشر ألفاً من الدراهم.
أما المجوسي المعاهد، والمرتد فدية كل منهما ثلث خمس دية المسلم خطأ وعمداً، فتكون من الذهب ستة وستين ديناراً، وثلثي دينار، ومن الورق ثمانمائة درهم، ومن الإبل ستة أبعرة وثلثا بعير، ودية أنثى كل من ذلك نصفه. فدية الحرة المسلمة من الإبل خمسون وهكذا، ودية المجوسية المرتدة أربعمائة درهم وهكذا.
الحنابلة – قالوا: إن كان للنصراني، ولليهودي عهد وقتله مسلم عمداً، فديته كدية المسلم، وإن قتله خطأ فنصف دية المسلم، أما غير المعصوم من المرتدين، ومن لا أمان لهم فإنه مقتول بكل حال، وأما من لا تحل مناكحته فهو كالمجوسي، وأما الأطراف والجراح فبالقياس على النفس اهـ.
مبحث الجناية على الجنين
الحنفية – قالوا: إن الجنين إذا كان محققاً في بطن الأم فليس له ذمة صالحة لكونه في حكم جزء من الآدمي، لكنه منفرد بالحياة معد لأن يكون نفساً له ذمة، فباعتبار هذا الوجه يكون أهلاً لوجوب الحق له من عتق ، أو إرث، أو نسب، أو وصية، وباعتبار الوجه الأول لا يكون أهلاً لوجوب الحق عليه، فإما بعدما يولد فله ذمة صالحة. ولهذا لو انقلب على مال إنسان فأتلفه يكون ضامناً له، ويلزمه مهر امرأنه بعقد الولي.