پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص2057

الأئمة الأربعة رحمهم اللّه تعالى – قالوا: في سلخ الجلد تجب دية المسلوخ منه، إن لم ينبت إن في الجلد جمالاً ومنفعة ظاهرة، وذلك إن بقيت فيه حياة مستقرة. لأن إيجاب الدية فيه إنما يظهر إن فرضت الحياة المذكورة بعد سلخ المجني عليه، وإن مات بسبب آخر غير السلخ كأن قطع غير السالخ رقبته بعد حودث السلخ، فيجب على الجاني القصاص لأنه أزهق روحه، ويجب على السالخ الدية، ومثل حز غير السالخ ما لو انهدم عليه حائط، أو دهمه قطار، أو نحو ذلك.

فإن مات المجني عليه بسبب سلخ جلده، أو لم يمت لكن حز السالخ رقبته بعد ذلك فالواجب حينئذ دية النفس إن عفا عن القود، وإلا فيجب القصاص.

قالوا: وفي كسر الترقوة. وهو بفتح التاء: العظم المتصل بين المنكب، وثغرة النحر تجب فيه حكومة، كسائر العظام.

وقيل: الواجب فيها جمل لما روي عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي اللّه تعالى عنه أنه قضى بذلك، ووافقت الصحابة عليه، من غير نكير من واحد منهم وحمله الأول على أن الحكومة كانت في الواقعة قدر جمل، ولكل إنسان ترقوتان يميناً، ويساراً.

قالوا: وفي إبطال البطش من يدي المجني عليه بجناية عليهما فشلتا دية، لزوال منفعتهما، وفي إبطال المشي من الرجلين بجناية على صلب تجب فيه دية كاملة، لفوات المنفعة المقصودة منهما، وفي إبطال بطش، أو مس يد، أو رجل، أو إصبع ديتها.

ولا تؤخذ الدية حتى يندمل الجرح فإن انجبر وعولج وعاد بطشه، أو مسه، أو قدرة المشي على الرجلين فلا تجب الدية، وإن بقي شين بعد البرء، فتجب حكومة عدل، وفي نقص كل من البطش والمشي، إن لم ينضبط حكومة، لما فات من المنفعة والجمال، ويختلف بحسب النقص قلة وكثرة، وسواء احتاج في مشيه لعصا يتوكأ عليها، أم لا فإن انضبط النقص وجب القسط من الدية، كالسمع، والبصر، والكلام وغيرهما. ولو كسر صلب المجني عليه فذهب مع سلامة الرجل، والذكر، مشيه، وجماعه، أو ذهب عنه مشيه، ومنيه، فتجب له ديتان، واحدة للرجلين والثانية لذهاب منهي، لأن كل واحد منهما مضمون بالدية عند الانفراد، فكذا عند الاجتماع، ومنفعة كل منهما مستقلة.

وقيل: تجب دية واحدة لأن الصلب محل المني، ومنه يبتدي المشي، وينشأ الجماع واتحاد المحمل يقتضي اتحاد الدية، ورد الأول بعدم اتحاد المحل. وهو الراجح.

وعلى الرأي الأول، لو ضربه فشلت رجلاه، وكسر صلبه، وانقطع منيه، وجب عليه ثلاث ديات واحدة للرجلين، وثانية للصلب، وثالثة لانقطاع المني، وإن شل ذكره أيضاً، وجب عليه أربع ديات، الثلاثة السابقة، والرابعة لشلل الذكر وعدم القدرة على الجماع.

قالوا: في الشفتين الدية، وفي قطع إحداهما نصف الدية، لما ورد في كتاب عمرو بن حزم: (وفي الشفتين الدية) ولما فيهما من الجمال والمنفعة، إذ الكلام يتميز بهما، ويمسكان الريق والطعام. ويمنعان الحشرات والأتربة من دخول البطن، والإشلال كالقطع . اهـ.

مبحث القصاص فيما دون النفس.