الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص2053
الحنفية – قالوا: قالوا: إن الجناية على اللحية وشعر الرأس إذا حلقت ولم تنبت تجب في كل منهما الدية لأنه يفوت به منفعة الجمال غير أنه لو حلق رأس إنسان بطريقة لا تجعلها تنبت، أو شعر لحيته لا يطالب بدفع الدية حالاً، بل يؤجل سنة لتصور الإنبات فإن مات المجني عليه قبل مضي سنة، ولم ينبت الشعر فلا دية عليه، لاحتمال ظهورها لو عاش حياً، بل تجب حكومة وشعر الرجل، والمرأة، والصغير، والكبير في ذلك سواء، وذلك لأن شعر اللحية جمال بالنسبة للرجال في وقتها، وفي حلقها تفويث لمنعة الجمال والكمال، فقد ورد أن الملائكة تقول (سبحان من زين الرجال باللحى، والنساء بالذوائب) فتجب الدية، وكذلك شعر الرأس بالنسبة للمرأة من أعظم زينتها وتمام جمالها، وبالنسبة للرجال زينة وجمال أيضاً، ألا ترى أن من عدم الشعر حلقه، أو سقط شعر رأسه، أو كان أقرع، فإنه يتأذى من ذلك ويتكلف ستر رأسه، ويستحي من كشفها أمام الناس، ويعتقد أن ذلك نقص في جماله وكماله وخلقه، وبعض رجال العرب يطلقون شعورهم ضفيرة للزينة، وشعر الشارب فيه حكومة إذا حلق لأنه تابع للحية، فصار كبعض أطرافها، وأما لحية العبد فيجب فيها كمال القيمة، لأن المقصود به المنفعة بالاستعمال، دون الجمال، بخلاف الحر.
قالوا: ولحية الكوسج إن كان على ذقنه شعرات معدودة، فلا شيء في حلقه، لأن وجودها يشينه، ولا يزينه، وإن كان أكثر من ذلك، وكان على الخد والذقن جميعاً لكنه غير متصل ففيه حكومة عدل، لأن فيه بعض الجمال، وإن كان الشعر متصلاً ففيه كمال الدية مثل غيره، لأنه ليس بكوسج وفيه معنى الجمال للرجل، هذا كله إذا فسد المنبت، فإن نبتت حتى استوى الشعر كما كان، فلا يجب شيء من الضمانات، لأنه لم يبق أثر الجناية، ويؤدب على ارتكابه ما لا يحل، وإن نبتت بيضاء فعند أبي حنيفة أنه لا يجب عليه شيء في الحر، لأنه يزيده جمالاً، وفي العبد تجب حكومة عل، لأنه ينقص قيمته، وعندهما تجب حكومة عدل لأنه في غير أوانه يشنه، ولا يزينه، ويستوي العمد والخطأ على هذا، فكما تجب الدية في حلق الرأس واللحية خطأ، فكذلك إذا حلقهما عمداً.
قالوا: وفي الحاجبين الدية، وفي أحدها نصف الدية، لأن بهما يحصل الجمال للإنسان .
الشافعية، والمالكية، والحنابلة – قالوا: في حلق شعر اللحية، وشعر الرأس تجب فيهما حكومة عدل، لأن ذلك زيادة في الآدمي، ولهذا يحلق شعر الرأس كله، ويحلق شعر اللحية بعضهم في بعض البلاد، وصار كشعر الصدر والساق، ولهذا يجب في شعر العبد نقصان القيمة بالإجماع.
قالوا: وفي إزالة شعر الحاجب تجب حكومة واحداً أو متعدداً، لأن في العشر جمالاً، وسواء كان إزالة العشر عمداً أم خطأ، وكذلك الهدب، وهو الشعر النابت على شفر العين، تجب حكومة إذا لم ينبت ، وإلا فإن نبت فف يعمده الأدب والخطأ لا شي فيه.
دية اليدين والرجلين
واتفق الأئمة الأربعة رحمهم اللّه تعالى: على أن في اليدين تجب الدية كاملة، وفي الرجلين الدية، وفي الشفتين الدية، وفي الأنثيين في قطعهما، أو سلها، أو رضهما دية كاملة، وفي الواحدة من هذه الأشياء نصف الدية، وفي قطع الأنثيين مع الذكر ديتان، كذا روي في حديث سعيد بن المسيب رضي اللّه تعالى عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم، لأن في تفويت الاثنين من هذه الأشياء تفويت جنس المنفعة، أو كمال الجمال، فيجب كل الدية وفي تفويت أحدهما تفويت النصف، فيجب نصف الدية.