پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص2050

وفي ذهاب بصر كل عين، صغيرة، أو كبيرة، حادة، أو كحلة، صحيحة أو عليلة، عمشاء أو حولاء، من شاب، أو شيخ أو طفل، حيث البصر سليم يجب نصف الدية، وفي العينين الدية كاملة لأن البصر من المنافع المقصودة في الحياة، وقد روي أن عمر رضي اللّه عنه قضي بأربع ديات في ضربة واحدة ذهب بها العقل والكلام والسمع والبصر، وإن ادعى المجني عليه زوال بصره، أنكر الجاني، سئل أهل الخبرة بذلك عدلان منهم مطلقاً، أو رجل وامرأتان أن كان خطأ، أو شبه عمد، فانهم إذا أوقفوا الشخص في مقابلة عين الشمس، ونظروا في عينه عرفوا أن الضوء ذاهب أو موجود، بخلاف السمع لا يراجعون فيه، إذ لا طريق لهم إليه، أو يمتحن المجني عليه بتقريب عقرب، أو حديدة محماة، أو نحو ذلك من عينه بغتة، ونظر هل ينزعج أم لا؟ فإن انزعج صدق الجاني بيمينه، وإلا فالمجني عليه بيمينه، وإن نقص ضوء المجني عليه، فحكمه كنقص السمع، فإن عرف قدر النقص بأن كان يرى الشخص من مسافة فصار لا يراه إلا من نصفها مثلاً، فقسطه من الدية، وإلا فحكومة عدل، فإن نقص بعض ضوء عينه عصبت ووفق شخص في موضع يراه، ويؤمر أن يتباعد حتى يقول: لا أراه، فتعرف المسافة ثم تعصب الصحيحة، وتطلق العليلة، ويؤمر الشخص بأن يقرب راجعاً إلى أن يراه، فيضبط ما بين المسافتين، ويجب قسطه من الدية، فإن أبصر بالصحيحة من مائتي ذراع مثلاً، وبالأخرى من مائة فالنسف، نعم لو قال أهل الخبرة، أن المائة الثانية تحتاج إلى مثلي ما تحتاج إليه المائة الأولى لقرب وبعد الثانية، وجب ثلثا دية العليلة، وإن أعشاه لزمه نصف دية، وإن أعمشه، أو أخفشه،، أو أحوله، أو أشخص بصره، فالواجب حكومة، ومن بعينه بياض لا ينقص الضوء ففي قلعها نصف دية.

(حادثة).

(يتبع…)

(تابع… 1): -أما الجناية على الأطراف من يد، أو عين، أو سن، فقد جعلت الشريعة… …

سئل أبن الصلاح عن رجل أرمد أتى امرأة بالبادية تدعي الطب لتداوي عينه، فكحلته فتلفت عينه، فهل يلزمها ضمانها؟ فأجاب: إن ثبت أن ذهاب عينه بتداويها فعلى عاقلتها ضمانها، فإن لم يكن لها عاقلة، فإن تعذر فعليها في مالها، إلا أن يكون الرمد أذن لها في المداواة بهذا الدواء المعين فلا تضمن، ويقاس على هذا حالة المريض مع الأطباء في هذا الزمان.

ومن أزال الشم من المنخرين بجناية على رأسه تجب عليه دية كاملة، كما جاء في خبر عمرو بن حزم، لأنه من الحواس النافعة، فتكمل فيه الدية كالسمع، وفي إزالة شم منخر واحد نصف الدية، ولو نقص الشم وجب بقسطه من الدية، إذا أمكن معرفته، وإن لم يمكن فالحكومة.

ولو أنكر الجاني زوال الشم من المجني عليه، امتحن في غفلاته بالروائح الحادة، فإن هش للطيب، وعبس لغيره حلف الجاني لظهور كذب المجني عليه، ولا يستحق ضماناً، وإن لم يهش للطيب، ولم يتأذ من الكريه، حلف المجني عليه لظهور صدقه مع أنه لا يعرف إلا منه، وفي إبطال حاسة الذوق، الذي هو وقوة في اللسان يدرك بها الطعم، تجب دية كاملة، لأنه أحد الحواس الخمس، فأسبه الشم، واختلف في محله هل هو في طرف الحلقوم، أو في اللسان؟ ذهب أكثر أهل العلم إلى القول الثاني، وقالوا: إنه المشهور وعليه الحكماء، لكنهم يقولون: هو قوة منبثة في العصب المفروش على جرم اللسان يدرك بها الطعوم بمخالطة اللعابية التي في الفم بالمطعوم ووصولها للعصب، وقال أهل السنة: إن الإدراك المذكور بمشيئة اللّه تعالى – يعني أن اللّه تعالى يخلق ما ذكر عند المخالطة المذكورة، وعلى هذا القول فينبغي أن يكون كالنطف مع اللسان، فتجب فيه دية واحدة للسان، لأن الذوق يدرك به حلاوة، وحموضة، ومرارة، وملوحة، وعذوبة، وتوزع الدية على هذه الأنواع الخمسة، فإذا أبطل إدراك واحدة منهن وجب فيها خمس الدية، وهكذا.

وإن نقص الإدراك نقصاً لا تقدر، بأن يحس بمذاق الأنواع الخمس لكن لا يدركها على كمالها فتجب في ذلك النقص حكومة عدل. وتختلف بقوة النقصان وضعفه، وإن عرف قدره فقسطه من الدية.