الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص2037
المالكية رحمهم اللّه قالوا: إذا أتلف مكلف معصوماص، فالقصاص واجب لولي الدم عليه، لا لغير ولي الدم، لأن دم القاتل معصوم بالنسبة لغير ولي الدم، فإذا قتل غير ولي الدم قاتلاً لمعصوم، فإنه يقتص منه، لأن القود ثابت للولي فقط.
وليس للولي: تنفيذ القصاص إلا بإذن الإمام أو نائبه، وإن اقتص ولي الدم من القاتل بغير إذن الحاكم أدب لا فتياته على الإمام.
وقال علماء المالكية أيضاً: يجب على القاتل عمداً، إذا كان بالغاً عاقلاً ولم يقتص منه، لنحو فقو، أو صلح، ذكراً، أو أنثى، حراً، عبداً مسلماً، أو غير مسلم، يجب عليه جلد مائة، وحبس سنة كاملة، من غير تغريب واختلف في المقدم منها، فقيل يقدم الجلد، وقيل: الحبس، ولم يشطروها بالرق لعظم الخطر في القتل.
مبحث فيما يثبت موجب القصاص
الحنفية، والشافعية، والحنابلة رحمهم اللّه تعالى – قالوا: يثبت موجب القصاص من قتل، أو جرح عمد، بإقرار أو شهادة رجلين، قال تعالى: واستشهدوا شهيدين من رجالكم
[آية 282] من البقرة. وقال تعالى: وأشهدوا ذوي عدل منكم
آية [2 من سورة الطلاق] وقال عليه اصلاة والسلام (شاهداك، أو يمينه) ولا تقبل شهادة النساء في الحدود والقصاص، قال الزهري: مضت السنة من لدن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم والخليفتين بعده أن لا تقبل شهداة النساء في الحدود والقصاص).
وألحقوا به علو القاضي، ونكول المدعى عليه، وحلف المجعي فإنه يثبت بهما أيضاً، ويثبت موجب المال من قتل، أو جرح خطأ، أو شبه عمد، بغلإرار، وشهادة عدلين، وعلم القاضي، أو برجل وامرأتين أو برجل ويمين، لا بامرأتين، ويمين لقوله تعالى: فإن لم يكونا رجلين، فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء
آية [282 من البقرة].
وإنما يثبت المال برجل وامرأتين إذا اجعى به عيناً، فلوا ادعى القصاص فشهد له رجل، وامرأتان لم يثبت القصا، ولا تثبت الديةن لانها خاصة بالرجالن ولو عفا مستحق القصاص في جناية توجيه عن القصاص ليقبل المال وشهد له رجل وامرأتان، أو رجل ويمين، لم يحكم له بذلك، لأن المال إنما يثبت بعد ثبوت القصاص، ولم يثبت القصاص ليعتبر العفو.
وقيل: يقبل لأن القصد المال، ومحل الخلاف إن أنشأ الرجل الدعوى، والشهادة بعد العفو.
أما لو ادعى العمد، وأقام رجلاً وامرأتين ثم عفا عن القصاص على مال، وقصد الحكم له بتلك الشهادة، لم يحكم له بها قطعاص، لانها غير مقبول حين أقيمت فلم يجز العمل بها، كما لو شهد صبي، أو عبد بشيء، ثم بلغ الصبي، أو عتق العبد.