پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص2033

قالوا: إذا وجد من شخصين مجتمعين في زمن واحد فعلانن مزهقان للروح، بحيث لو انفرد كل منهما لامكن إحالة الإزهاق عليه، وهما مسرعان للقتل، كحز للرقبة، وقد للجثة، أو غير مسرعين للقتل، كقطع عضوين، وما منهما، فهما قاتلان في هذه الأحوال المذكورةن فيجب عليهما القصاص، وكذلك يجب عليهما الدية إذا وجبت لوجود السبب منهما، وإن لم يوجد الفعلان معاً في وقت واحد: بل ترتبا، بأن أنهاه رجل مثلاً، إلى حركة مذبوح وهي التي لم يبق معها ابصار، ولا نطق اختياري، ولا حركة اختيار، ويقطع بموته بعد يوم أو ايام، وتسمى حالة اليأس، وهي التي اشترط وجودها في حالة إيجاب القصاص وهي التي لا يصح فيها إسلام، ولا ردة، ولا شيء من التصرفات، وينتقل فيها ماله لورثته الحاصلين حينئذ، لا لمن حدث. ولو مات له قريبلم يررثه دون الحياة المستمرة، وهي التي لو ترك معها لعاش، ثم جنى ضخص آخر على المجني عليه، بعد الانتهاء لحركة مذبوح، فالأول منهما قاتل قطعاً، فيجب عليه القصاص أن كان القتل عمداً، والدية أن كان القتل خطأ، لأنه صيره إلى حالة الموت، والثاني يجب تقريره بما يراه الإمام، لهتكه حرمه الموت، كما لو قطع عضواً من شخص بعد موته.

وإن جنى الثاني منهما قبل الانتهاء إلى درجة مذبوح، بأن جرحه، أو قطع عضواً منه، فجاء الثاني بعده وحز رقبته، أو قعطه نصفين، وأزهق روحه، فالثاني قاتل بالاتفاق، ويجب عليه القصاص، لأن الجرح إنما يقتل بالسراية، وحز الرقبة، وقد الجثة بقعط اثنينن فتعين القتل منه ولا فرق أن يتوقع البرء من الجراحة السابقة، أو يتيقين الهلاك بها بعد يوم أو أيام، أيام، لأنه له في الحال حياة مستقرة، وقد عهد سيدنا عمر بن الخطاب رضي اللّه تعالى عنه يوم إصابته، وهو في هذه الحالة الخطرة، وعمل الصحابة رضوان اللّه عليهم بعده الذي عاهدهم به، ووصاياه التي أوصاهم بها، ويجب على الجاني الأول قصاص العضو المقطوع، أو مال بحسب الحال من عمد أو غيره، وإن لم يزفف الثاني أيضاً أي لم يصل به إلى الهلاك كأن قطع الأول يده من الكوع مثلاً، والثاني قطعهما من المرفق، ثم مات المجني عليه بسبب سراية القطعين فهما قاتلان بسبب السراية.

ولا يقال: أن أثر القطع الثاني أزال أثر القطع الأول، لأن الموت حدث بهما معاً.

قالوا: ولو قتل مريضاً وهو في حالة النزع الأخير، وعيشه عيش مذبوح، فإنه يجب عليه القصاص بقتله، لأنه يجوز أن يمد اللّه في أجله ويعيش، فإن موته غير محقق، لأن الآجال لا يعلمها إلا اللّه تعالى.

قال الإمام الشافعي رحمه اللّه تعالى: ولو انتهى المريض إلى سكرات الموت وبدت مخايله، فلا يحكم له بالموت. وإن كان يظن أنه في حالة المقدود.

وقرقوا بأن انتهاء المريض إلى تلك الحالة غير مقطوع به، وقد يظن موته ثم يشفى، بخلاف المقدود ومن في معناه، ولأن المريض لم يسبق فيه فعل بحال القتلى وأحكامه عليه، حتى يهدر الفعل الثاني.

ولو جرح واحد شخصاً جرحين عمداً وخطأ، ومات بهما لم يجب عليه القصاص، لاختلاف وصف الفعلين، حيث أن أحد الجرحين عمد، والآخر خطأ، فاختلفا، أو جرحه جرحين مضموناً، وغير مضمون. كمن جرح حربياً، أو مرتداً، أو عبد نفسه، أو صائلاً، ثم اسلم المرتد، أو أمن الحربي، أو عتق العبد المجروح، أو رجل الحيوان الصائل، وجرحه الجاني بعد ذلك ثانياً ومات بالجرحين، فلا يجب عليه القصاص، في هذه الصور، أو جرح شخصاً بحق كقصاص، وسرقة، ثم جرحه بعد ذلك مرة ثانية عدواناً، أو جرح حربياً ثم أسلم، ثم جرحه ثانياً فمات بالسراية، لا يجب قتله في مثل هذه الأحوال.