پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص2031

الحنفية قالوا: ومن قطع يد رجل خطأ ثم قتله عمداً قبل أن تبرأ يده أو قطع يده عمداً ثم قتله خطأ، أو قطع يده خطأ فبرأت يده، ثم قتله خطأ، أو قطع يده عمداً فبرأت، ثم قتله عمداً، فإنه يؤخد بالأمرين جميعاً، فإن الصل فيه: أن الجمع بين الجراحات واجب ما أمكن تتميماً للأول، لأن القتل في الأعم يقع بضربات متعاقبة، وفي اعتبار كل ضربة بنفسها بعض الحرج، إلا أن لا يمكن الجمع فيعطى كل واحد حكم نفسه، وقد تعذر الجمع فيهذه الصور، في الأولين، لاختلاف حكم الفعلين وضعاً موجباً، لأن احد الفعلين خطأ، والثاني عمد، وفي الآخرين متعذر الجمع أيضاً لتخلل البرء، فلا جمع اصلاً، لأن الفعل الأول قد انتهى، فا البرء قاطع للسراية، فيكون القتل بعده ابتداء، فلا بد من اعتبار كل واحد منهما، حتى لو لم يتخلل وقد تجانسا، بأن كانا خطأين، فإنه يجمع بين الأمرين بالإجماع، لإمكان الجمع، واكتفى بدية واحدة، حيث انفى المانع من الجمع، وهو تخلل البرء، والاختلاف.

وإن تجانسا عمداً، بأن كان قطع يده عمداً، ثم قتله عمداً، قبل أن تبرأ يده، فقد اختلف فيه.

قال الإمام أبو حنيفة رحمه اللّه: الولي بالخيار بين أن يقطع ثم يقتل، وبين أن يكتفي بالقتل، وبين أن يكتفي بالقتل.

وقال الصاحبان: يقتل ولا تقطع يده لأن الجمع ممكن لتجانس الفعلين، وعدم تخلل البرء بينهما فيجمع بينهما.

وقال أبو حينفة: أن الجمع متعذر إما للاختلاف بين الفعلين هذين، لأن الموجب القود، وهو يعتمد المساواة في الفعلنوذك بأن يكون القتل بالقتل، والقطع بالقطع، وهو متعذر، أو لأن الحر يقطع إضافة السراية إلى القطع، حتى لو صدر من شخصين يجب الوقد على الحاز، فصار كتخلل البرء، بخلاف ما إذا قطع وسرى لأن الفعل وواحد، وبخلاف ما إذا كانا خطأينن لأن الموجب الدية، وهي بدل النفس، من غير اعتبار المساواة.

قال الإمام أبو حنيفة: ولأن أرش اليد إنما يجب عند استحكام أثر الفعل، وذلك بالحز القاطع للسراية، فيجتمع ضمان الكل، وضمان الجزء في حالة واحدة، وهي حالة الحز، وفي ذلك تكرار دية اليد، لأن ضمان الكل يشملها، والتكرار غير مشروع، فلا يجتمعان، أما القطع والقتل قصاصاَ يجتمعان لأن مبنى القصاص المساواة، وهي إنما تتحقق باجتماعهما، لأن العمد مبناه على التغليظ والتشديد، ولهذا تقتل العشرة بالواحد، وفي مراعاة صورة الفعل معنى التغليظ فيجوز اعتباره فيه، وأما الخطأ فمبناه على التخفيف ألا ترى أن الدية لا تتعدد بتعدد القاتلين، فاعتبار التغليظ فيه لا يكون مناسباً.

ومن ضرب رجلاً مائة سوط فبرأ من تسعين، ومات من عشرة، ففيه دية واحدة، لأنه لما برأ منها لا تبقى معتبرة في حق الأرش، وإن بقيت معتبرة في حق التعزير، فبقي الاعتبار للعشرة أسواط، وكذلك كل جراحة اندملت، ولم يبق لها أثر على أصل أبي حنيفة، وعند أبي يوسف في مثله حكومة عدل، وعن محمد أنه تجب أجرة الطبيب. وإن ضرب رجلا مائة سوط، وجرحته، وبقي له أثر تجب حكومة العدل لبقاء الثر والأرش إنما يجب باعتبار الأثر في النفس، بأن لم يبرأ وليس ذلك بموجود، بل الأثر هو الموجود، فإن لم يجرح في الابتداء فلا يجب شيء باتفاقن وإن جرح واندمل ولم يبق لها أثر فكذلك كما هو رأي أبي حنيفة رحمه اللّه، لأنه لم يكن إلا مجرد الألم، وهو لا يوجب شيئاً، كما لو ضربه ضرباً مؤلماً.