پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص2023

وروي في الصحيحين، والفظ لمسلمعن أبي شريح العدوي، أنه قال لعمرو بن سعيد وهو يبعث البعوث إلى مكة: ائذن لي أيها الأمير أن أحدثك قولاً قال قال به رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الغد من يوم الفتح سمعته اذناي، ووعاه قلبين وأبصرته عيناي حين تكلم به، أنه حمد اللّه، وأثنى عليه ثم قال: (مكة حرمها اللّه، ولم يحرمها الناس، فلا يحل لامرئ يؤمن باللّه واليوم الآخر، أن يسفك بها دماً، أو يعيضد بها شجراً، فإن أحد ترخص بقتال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيها، فقولوا له إن اللّه أذن لنبيه، ولم يأذن لكم، وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالآمس، فليبلغ الشاهد الغائب) فقيل لأبي شريح ما قاله لك عمرو؟ قال: أنا أعلم بذلك منك يا أبا شريح: إن الحم لا يعيذ عاصياً، ولا فاراً بدم، ولا فاراً بدم، ولا فاراً بجزية، وقيل: الجملة إنشائية معنى أي آمناً من القتل، والظلم، إلا بموجب شرعي، وهذا هو الإثم الذي ذكره اللّه تعالى بقوله: ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم

. آية 25 من سور الحج.

الحنفية رحمهم اللّه تعالى قالوا: إذا قتل رجل إنساناً عمداً خارج الحرم، ثم لجأ إليه ليفر من القصاص وأقام بالحرم، أو وجب القتل عليه ردة، أو زنا وهو محصن، أو بسبب خروجه على جماعة المسلمين، ثم لجأ إلى الحرم بمكة المكرمة، فلا يجب قتله ما دام في الحرم، لحرمة القتل في الحرم، لقول تعالى: ومن دخله كان آمنا

يعنى حرم مكة إذا دخله الخائف يأمن من كل سوء، فمن عاذ بالبيت أعاذه البيت، وورد في الصحيحين عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال يوم فتح مكة: (إن هذا البلد حرم اللّه يوم خلق السموات والأرض، فهو حرام بحرمة اللّه إلى يوم القيامة، وأنه لم يحل القتل فيه لأحد قبلي، ولم يحل لي إلا في ساعة من نهار، فهو حرام بحرمة اللّه إلى يوم القيامة لا يعضد شوكه، ولا ينفر صيده، ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها، ولا يختلى خلاها، فقال العباس: يا رسول اللّه إلا الأذخر، فإنه لقينهم ولبيوتهم، فقال: (إلا الادخر) وقد ورد في تأمين من دخل الحرم عدة آيات منها قوله تعالى واذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمناً

ومنه قوله تعالى واذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلداً آمناً

آيتي 125، 126 من سور البقرة، وقال تعالى: الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف