الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص2022
وكذلك المقيدس بن صبابة الكندي عبد أن ارتد ورجع إلى مكة، فامر النبي صلى اللّه عليه وسلم بقتله، واهدر دمه، فقتله ابن عمه نميلة بن عبد اللّه الليثي، وهو متعلق بأستار الكعبة، وقيل: بمحل آخر، ولأن القصاص على القور، فلا يؤخر.
فلو التجأ الجاني إلى الكعبة، أو المسجد الحرام، أو غيره من المساجد، أو إلى ملك إنسان فيخرج منه ثم يقتل صيانة للمسجد، ولأنه يمتنع استعمال ملك الغير بغير غذنه، فإن هذا التأخير يسير، وخوفاً من تلوث المسجد الحرام أو المساحمد الأخرى، فيخرج منها، وكذا يقتل لو التجأ الجاني إلى مقابر المسلمين، ولم يمكن قتله إلا بإراقة الدم عليها، وإذا لم يخرج الجاني من الحرم، ومكث فيه جاز إقامة القصاص عليه وقتله فيه، فإن حرمة دم الآدمي أقوى من حرمة البيت.
المالكية قالوا: لو قتل شخص إنساناً في الحل ثم دخل الحرم بعد ارتكاب جنايته فلا يؤخر، بل يجب إخراجه من الحرم، ويقام عليه الحد خارج الحرم، ولو كان الجاني محرماً، ولا ينتظر لإتمامه ولا يجوز إقامة القصاص في الحرم عليه لئلا يؤدي إلى تنجسه بالدماء، وسواء فعل موجب القصاص في داخل الحرم، أم فعله خارجه ثم لجأ إليه، ليهرب من تنفيذ القصاص
وأما قوله تعالى: ومن دخله كان آمناً
فهو إخبار عما كان عليه الناس في الجاهلية، كما قال الحسن البصري وغيره: كان الرجل يقتل فيضع في عنقه صوفة، ودخل الحرم فيلقاه ابن القتول، فلا يهيجه حتى يخرج.
وقال ابن أبي حاتم: حدّثنا أبو سعيد الأشج، حدّثنا أبو يحيى التميمي عن عطاء، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله تعالى: ومن دخله كان آمناً
قال: (من عاذ بالبيت اعاذه البيت، ولكن لا يؤوى، ولا يطعم، ولا سقى، فإذا خرج اخذ بذنبه).