پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص2011

الشافعية رحمهم اللّه تعالى قالوا: تقتل الجماعة بالواحد. سواء كثرت الجماعة، أم قلت: وسواء باشروا جميعاً القتل أم باشره بعضهم، وساء قتلوه بمحدد أم بغيره، كما لو ألقوه من شاهق جبل، أو في بحر خضم، أو هدموا عليه حائطاً، ولو تفاوتت جراحاتهم في العدد والفحش والأرش، لما روي أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي اللّه تبارك وتعالى عنه أنه قتل نفراً خمسة، وقيل: سبعة، برجل قتلوه غيلة أي جعلوه في موضع لا يراه أحد وقال كلمته المشهورة (لو تمالأ علي أهل صنعاء لقتلتهم جميعاً) ولم ينكر عليه أحد من الصحابة الحاضرين في عصره، فصار ذلك إجماعاً، ولأن القصاص عقوبة تجب على الواحد، فيجب للواحد على الجماعة، كحد القذف وغيره، ولأنه شرع لحقن الدماء. فلو لم يجب عند الاشتراك لكان كل من أراد أن يقتل شخصاً استعان بآخرين على قتله، واتخذ ذلك ذريعة لسفك الدماء، لأنه صار آمناً من القصاص.

قالوا: وللولي العفو عن بعضهم على حصة من الدية، وعن جميعهم على الدية، ثم إن كان القتل بجراحات وزعت الدية باعتبار عدد الرؤوس، لأن تأثير الجراحات لا ينضبط، وقد تزيد نكاية الجرح الواحد على وزعت الدية باعتبار عدد الرؤوس، لأن تأثير الجراحات لا ينضبط، وقد تزيد نكاية الجرح الواحد على جراحات كثيرة، ولو ضربوه بالسياط مثلاً فقتلوه، وضرب كل واحد منهم لو انفرد يكون غير قاتل ففي القصاص أوجه:

أحدها: يجب على الجميع القصاص، كيلا يصير ذريعة إلى القتل، وسفك الدماء ظلماً.

ثانيها: لا يجب القصاص على واحد منهم، لأن فعل كل واحد شبه عمد، فتجب الدية.

ثالثها: وهو أصحها: يجب عليهم القصاص إن اتفقوا على ضربه تلك الضربات، وكان ضرب كل واحد منهم يؤثر في إزهاق الروح بخلاف ما إذا وقع اجتماعهم اتفاقا من غير تواطؤ، فإنه تجب عليهم الدية.

وإنما يعتد في ذلك بجراحة كل واحد منهم إذا كانت مؤثرة في زهوق الروح، فلا عبرة بخدشة خفيفة، والولي يستحق دم كل شخص بكماله، إذ الروح لا تتجزأن ولو استحق بعض دمه لم يقتل.

وقيل: البعض بدليل أنه لو آل المر إلى الدية لم يلزمه شيء بالحصة، ولكن لا يمكن استيفاؤه إلا بالجميع، فاستوفي لتعذره، وأبطل الإمام القياس على الدية بقتل الرجل المرأة فإن دمه مستحق فيها، وديتها على النصف.

ومن اندملت جراحته قبل الموت لزمه مقتضاها دون قصاص النفس، لأن القتل هو الجراحة السارية.

الحنابلة قالوا: لا تقتلوا الجماعة بالواحد، لأن اللّه تعالى شرط المساواة في القصاص. ولا مساواة بين الجماعة والواحد، قال تعالى: وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس

وقال تعالى: الحر بالحر والعبد بالعبد

الآية فيجب عليهم الدية حسب الؤوس، أو يقتل واحد منهم والدية على الباقين اهـ.

الحنفية قالوا: تقتل أنفس الجماعة بالنفس الواحدة. ولا يقطع بالطرف إلا طرف واحد، وذلك لأن مفهوم القتل إنما شرع لنفي القتل، فلو لم يقتل الجماعة بالواحد لتذرع الناس إلى القتل بأن يتعمدوا قتل الواحد بالجماعة. سواء باشروا جميعاً القتل، أو باشره واحد منهم.