الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص2005
وقال الشافعية: لا يجوز للمكره بالفتح الإقدام على القتل المحرم لذاته، وإن لم يوجب عليه القصاص، بل عليه الإثم يوم القيامة، إذا قتل نفساً محرمة، كما لا يباح له الزنا بالإكراه، ولكن يباح له شرب الخمر، والقذف، والإفطار في رمضان، على القول بإبطال الصوم، ويباح له الخروج من صلاة الفرض، وإتلاف مال الغير، وضمن المال هو والمكره.
وإذا أكره إنسان على الإتيان بما هو كفر قولاً، أو فعلاً كالسجود لصنم، مع طمأنينة القلب بالإيمان وكراهية الكفر، فقيل: الفضل له الثبات على الإيمان، ولا يلفظ الكفر، والعياذ باللّه.
وقيل: يجوز أن يلفظ به صيانة لنفسه أن تزهق، وقيل: إن كان من العلماء المقتدى بهم فالأفضل الثبات على الإيمان، مهما كان التخويف والوعيد، فإن قتل مات شهيداً، كما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (من قتل دون دينه قهو شهيد) وحتى يكون قدوة لغيره من الناس، كما ثبت أصحاب الأخدود، فإن كان المكره بالفتح لم يظن أن الإكراه يبيح له الإقدام على القتل، وجب عليه القصاص، أما إذا كان يعقد ذلك فلا قود عليه. وكذلك لا قصاص عليه، إذا كان ممن يخفى عليه تحريم الإقدام نعلى القتل بالإكراه، لأن القصاص يسقط بالشبهة، فإن وجبت الدية في حالة العفو عن القصاص وزعت عليهما بالسوية كالشريكين ويجوز للولي أن يقتص من أحدهما ويأخذ نصف الدية من الآخر، هذا إذا كافأه، فإن ساوى المقتول أحدهما فقط، كأن كان المقتول ذمياً، أو عبداً، واحدهما كذلك، والآخر مسلم، أو حر، فالقصاص على المكافىء دون الآخر، بل يجبعليه نصف الدية، أو نصف القيمة لأولياء الدم، لأنهما مشتركان في الفعل، وشريك غير المطافىء يقتص منه، كشريك الأب، ولو أكره بالغ، عاقل، مراهقاً، أو عكسه، على قتل شخص فقتله، فعلى البالغ القصاص، لوجود مقتضيه، وهو القتل المحض والعدوان على الغير، هذا إن قلنا: عمد الصبي عمد، وهو الأظهر في المذهب، فإن قلنا خطأ فلا قصاص، لأنه شريك المخطىء ولا قصاص على الصبي بحال، لعدم تكليفه، حتى ولو كبر.
ولو أكره بالفتح مكلفاً، على رمي شبح علم المكره بالكسر، أنه رجل، وظنه المكره بالفتح صيداً أو حجراً فرماه فقتله، فالأصح وجوب القصاص على المكره بالكسر ت لأنه قتله قاصداً للقتل بما يقتل غالباً.