الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص2000
ولا يقتل الأعلى بالأدنى، كمسلم بكافر، وكمسلم رقيق، بحر كتابي، ويقتل الذكر بالأنثى، حيث لم يكن القاتل زائداً حرية، أو إسلاماً، ويقتل الصحيح بالمرض، ولو كان مشرفاً على الهلاك أو محتضراً للموت. وقتل كامل الأعضاء والحواس بالناقص عضواص، كيد ورجل، أو الناقص حاسة كسمع وبصر، واحتجوا على مذهبهم بما روي من حديث الإمام على كرم اللّه وجهه، أنه سأله قيس بن عبادة والأشقر، هل عهد إليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عهداً لم يعهده إلى الناس؟ قال: لا. إلا ما في كتابي هذا، وأخرج كتاباً من قراب سيفه، فإذا فيه ( المؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم، ولا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده، لو أحدث حدثاً، أو آوى محدثاث فعليه لعنة اللّه، والملائكة، والناس أجمعين) خرجه أبو دادو.
وما روي أيضاً عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (لا يقتل مؤمن بكافر). وما روي عن أبي جحيفة أنه قال: قلت لعلي رضي اللّه عنه: (هل عندكم شيء من الوحي غير القرآن؟ قال: لا. والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، إلا فهم يعطيه اللّه تعالى رجلاً في القرآن الكريم، وما في هذه الصحيفة. قلت: وما في هذه الصحيفة؟ قال: العقل، وفكاك ألأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر) رواه البخاري رحمه اللّه وأخرجه أبو داود، والنسائي. رحمهما اللّه تعالى.
واحتجوا أيضاً على مذهبهم، بإجماع العلماء على أنه لا يقتل مسلم بالحربي الذي أمن أي اخذ الامان.
قالوا: فلا يقتل المؤمن بالذمي إلا أن يضجعه فيذبحه، أو يقتله غيلة ويأخذ ماله، فلا يشترط فيه الشوط المتقدمة، بل يقتل ولا صلح ولا عفو.
الشافعية والحنابلة قالوا: يشترط عندهم في القاتل مكافأته، ومساواته للقتيل في الصفة بأن لم يفضله بإسلام أو أمان، أو حرية، أو أصلية، أو سيادة، ويعتبر حال الجناية، حينئذ، فلا يقتل مسلم، ولو كان زانياً محصناً، أو تاركاً للصلا’ متعمداً، بذمي، ولا كتابي، لخبر البخاري رحمه اللّه تعالى عن الرسول صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: (لا يقتل مسلم بذمي).
قال ابن المنذر: لم يصح عن النبي صلى اللّه عليه وسلم خبر يعارضه. ولأنه لا يقاد المسلم بالكافر فيما دون النفس بالإجماع، كما قال ابن عبد البر، فالنفس بذلك أولى، والحديث المذكور يقتضي عموم الكافر، فلا يجوز تخصص بإضمار (الحربي) ولأنه لو كان لامعنى كما قال الأحناف، لخلا عن الفائدة، لأنه يصير التقديرن لا يقتل المسلم إذا قتل كافراً حربياص، ومعلوم أن قتله عبادة، فكيف يعقل أنه يقتل به؟.
ويقتل ذمي بالمسلم لشرفه، وبالذمي وإن اختلفت ملتهما، كاليهوجي، بالمسيحي، فلو اسلم الذميي القاتل كافراً مكافئاً له، لم سقط القصاص. لتكافئهما حال الجناية. لأن الاعتبار بالعقوبات حال الجناية، ولا نظر لما يحدث بعدها.
قالوا: ويقتل رجل بامرأة وخنثى، كعكسه، وعالم بجاهل، وشريف بخسيس، وشيخ بشاب كعكسهما، لأنه صلى اللّه عليه وسلم كتب في كتابه إلى أهل اليمن (إن الذكر يقتل بالأنثى) رواه النسائي وقوله صلوات اللّه وسلامه عليه (المؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم) خرجه أبو داود.