الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص1997
قالوا: ومحل الخلاف ما لم يرفع الحوت رأسه ويلقمه، وإلا وجب القصاص قطعاً، ومحله أيضاً إذا كان لا يعلم بالحوت الذي في اللجة، فإن علم به وجب القود قطعاً. كما لو ألقاه على أسد في ريببته، أو أما قطار سريق.
أما إذا ألقاه في ماء غير مغرق، فالتقمه حوت وهو لا يعلم به الملقي فلا قصاً قطعاً، لأنه لم يقصد إهلالكه، ولم يشعر بسبب الإهلاك كما لو دفعه دفعاً خفيفاً، فوقع على سكين فمات ولم يعلم بها الدافع، فتجب في الحالتين دية شبه العمد، وإن شهر المجنون سلاحاً على غيره فقتله ذلك الغير فلا ضمان عليه لانع قتله دفاعاً عن نفسه، وكذلك لو شهر الصبي سلاحاً على غيره فقتله فلا ضمان، لأنه يصير محمولاً على قتله بفعله فأشبه المكره، وكذلك فعل الدابة لو هجمت على لإنسان فقتلها فلا ضمان لأنه دفاع عن النفس.
الحنفية قالوا: من شهر على رجل سلاحاً ليلاً أو نهاراً، أو شهر عليه عصاً في المصر ليلاً، أو شهر عليه عصاً نهاراً في طريق غير المصر فتله المشهور عليه عمداً، وكان الشاهر عاقلاً مكلفاً، فلا شيء عليهن لقوله عليه الصلاة والسلام (من شهر على المسلمين سيفاً فقد أطل دمه) ولأنه يعد في نظر الشرع باغ، فتسقط عصمته ببغيه، ولأنه تعين طريقاً لدفع القتل عن نفسهن فجاز له قتله، لدفع الشر عن نفسه، وجعف الشر مباح أو واجب، ولأن السراح لا يلبث فيحتاج إلى دفعه بالقتل، والعصا الصغيرة، وإن كانت تلبث، وكن في الليل لا يلحقه الغوث، فيضطر إلى جفعه بالقتل، وكذلك في النهار في غير المصرن في طريق لا يلحقه الغوث، وفي الصحراء فإذا قتله كان دمه هدراً، ولا ضمان على قاتله.
وإن شهر المجنون على غيره سلاحاً فقتله المشهور عليه عمداً، فعليه الدية في مالهن لأنه قتل شخصاً معصوماً، أو أتلف مالاً معصوماً حقاً للمالك، وفعل الدابة لا يصلح مسقطاً وكذا فعلهما، وإن كانت عصمتهما حقهما لعدم اختيار صحيح، ولهذا لا يجب القصاص لتحقق الفعل منهما بخلاف البالغ العاقل، لأن له أختياراً صحيحاً، وإنما لا يجب القصاص مع القتل العمد بسلاح، لوجود المبيحن وهو دفع الشر عن نفسه، فتجب الجية حتى لا يهدر دم المسلم المعصوم.