الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص1994
الآية، ولأنه شبيه بالخطأ، ويجب فيه الدية مغلظة على العاقلة. وهي مائة من الإبلن اربعون منها في بطونها أولادها، وتجب في ثلاث سنين لقضية عمر بن الخطاب رضي اللّه تعالى عنه، فقد روي عنه أنه قضى بالدية على العاقلة في ثلاث سنين، ووافقه الصحابة من غير نكير من واحد منهم، فكان كالمروي عن الرسول صلى اللّه عليه وسلم لأنه مما لا يعرف بالرأي، ويتعلق به حرمان الميراث لأنه جزاء القتل، والشبهة تؤثر في إسقاط القصاص، دون حرمان الميراث، فقد روي عن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (ألا إن قتيل الخطأ شبه العمد، قتيل السوط، أو العصا، فيه مائة من الإبل منها اربعون في بطونها أولادها) رواه الخمسة.
وروى الإمام أحمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده، أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (عقل شبه العمد مغلظ، مثل عقل العمد، ولايقتل صاحبه، وذلك أن ينزو الشيطان بين الناس، فتكون جماء في غير ضغينة، ولا حمل سلاح).
المالكية قالوا: إن الضرب بالعصا، والحجر الصغيرين عمد، فإنهم قالوا: إننا لانعرف ماهو قتل شبه العمد، وإنما القتل عندهم نوعان فقط، عمد وخطأ، ما وقع بسبب من السباب أو من غير مكلف. أو غير قاصد للمقتول، أو القتل بما مثله لا يقتل في العادة به، كالسوط. وهذا لا قود فيه، وإنما تجب فيه الدية، وقتل العمد ما سواه: إذ لا واسطة بين العمد، والخطأ في سائر الأفعال، فكذا في هذا الفعل، وشبه الخطأ أن يتعمد القتل، ويخطىء القصد، أو يضربه بسوط لا يقتل مثله غالباً، أو يلكزه بيده، أو يلطمه لطماً بليغاً، فيجب القصاص في كل ذلك، فإن تعمد الجاني الضرب بقضيب أو سوط لا يقتل به غالباً أو مثقل، كحجر، أو خنق، ومنع من طعام حتى ماب، أو منع من شرب محتى مات فالقود أن قصد بذلك موته، فإن قصد مجرد التعذيب فالدية.
الشافعية قالوا: الفعل المزحق ثلاثة: عمد وخطأ، وشبه عمد، ولا قصاص إلا في العمد، وهو قصد مالفعل والشخص بما يقتل غالباً، جارح، أو مثقل.
فالأول وهو الواجب: قتل المرتد إذا لم يتب، والحربي إذا لم يسلم، أو يعط الدية.
والثاني وهو الحرام: قتل المعصوم بغير حق.
والثالث وهو المكروه: قتل الغازي قريبه الكافر إذا لم يسب اللّه، أو رسول صلى اللّه عليه وسلم.
والرابع وهو المندوب: قتل الغازي قريبه الكافر إذا حدث منه سب لله، أو الرسول صلى اللّه عليه وسلم.
والخامس وهو المباح: قتل الإمام الأسير، وهو مخير فيه.