الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص1986
وفي اجتماع رجال ونساء أعلى درجه منهن ولم يحزن الميراث، لم يسقط القصاص إلا بعفو الفريقين، فمن أراد القصاص من الفريقين. فالقول قوله، أو ببعض من كل من الفريقين، ومهما عفا البعض من المستحقين للدمن، مع تساوي درجاتهم، بعد ثبوت الدم مطلقاً ببينة أو غيرها، فإنه يسقط القصاص، وإذا سقط فلمن بقي من الورثة ممن لم يعف، وله التكلم، في نصيبه من دية عمد، وكذا لو عقا جميع من له التكلم مرتباً سقط حقه من الدم، ومن الدية، وما بقي منها يكون لمن بقي ممن له التكلم، ولغيره من بقية الورثة، كالزوج أو الزوجة، أو الاخوة، وما بقي ممن لا تكلم له بأخذ نصيبه من الدية. كولدين، لأنه مال ثبت بعفو الأول، بخلاف لو عفا في فور واحد، فلا شيء لمن تكلم له، كما إذا اكان من له التكلم واحداً، وعفا، كإرثه للدم، كما لو قتل احد ولديه اباه، ثم مات غير القاتل، ولا وارث له سوى القاتل، فقد ورث القاتل دم نفسه كله، وكذا لو ورث القاتل بعض الدم، كما لو كان غير القاتل أكثر من واحد، مات أحدهم عن القاتل وغيره، فقد ورث القاتل بعض الدم، فيسقط القصاص. ولمن بقي من الورثة نصيبه من الدية، هذا إن استقل الباقي بالعفو، أما لو عفا من يستقل بالعفو فلا يسقط القود عمن ورث قسطاً، إلا بعفو الجميع، أو بعض من كل، كما لو قتل شقيق أخاه وترك المقتول بتات ثلاثة اخوة أشقاء غير القاتل فمات أحد الثلاثة، فقد ورث القاتل قسطاً، ولا يسقط القوج إلا بعفو الجميع، أبو بعض من كل.
الأئمة الثلاثة قاولا: كل وارث يعتبر قوله في اسقاط القصاص وغسقاط حقه من الدية، وفي أخذ حقه، والتمسك به.
وقال الشافعي: الغائب منهم والحاضر، والصغير والكبير، والذكر والأنثى سواء في الاستحقاق ولاية الدم عن المقتول عمداً، لأن الدم كالدية.
عفو المقتول عمداً المقتول عمداً عن دمه قبل موته
المالكية قالوا: إذا قال البالغ، العاقل، المعصوم الدم، لإنسان: إن قتلتني أبرأتك من دمي فقتله، فإنه لا يسقط القود عن قالتله، وكذا لو قال له بعد أن جرحه، ولم ينفذ مقتله: أبرأتك من دمي. فلا يسقط القصاص، لأنه أسقط حقاً قبل وجبوبه، بخلاف ما إذا أبرأه من دمه بعد إنفاذ مقتله، أو قال له: إن مت فقد أبرأتك، فإنه يبرأ، ولو كان قبل إنفاذ مقتله، ولكن لابد من كون البراءة بعد الجمرح، وللولي حق القصاص، أو العفو مجاباً، أو على الدية إن رضي الجاني بها، فإن لم يرض الجاني بالدية، خير الولي بين أن يقتص من القاتل، أو يعفو عنه بغير عوض، وإن عفا عن الجاني ولم يقيد عفوه بدية ولا غيرها، فيقضى بالعفو مجرداً عن الدية، إلا أن تظهر بقرائن الأحوال إرادتها مع الدية حال العفون ويقول: إنما عفوت لأخذ المدية، فيصدق يمينه، ويبقى الولي بعد حلفه، على حقه في القصاص إن امتنع الجاني عن دفع الدية. وإلا دفعها، وتم العفو كما طلب الولي.
الشافعية قالوا: إن قال حر مكلف، رشيد، أو سفيه، لوجل آخر: اقطع يدي مثلاً ففعل الآجنبي فهو هدر، لا قصاص فيه ولا دية، للإذن فيه لأنه اسقط حقه باختياره، فإن سرى الجرح للنفس فمان أو قال له ابتداء: اقتلني، فقتله فهو هدر في الأظهر من المذهب للإذن في ذلك الفعل.
وقبل تجب الدية على القاتل، والخلاف مبني على أن الدية ثبتت لميت ابتداء في آخر جزء من حياته ثم يتلقاها الوارث، أو على أن الدية ثبتت للوارث ابتداء عقب هلاك المقتول؟ إن قلنا بالأول وهو الأصح لم تجب الدية في حال السراية، لأنه أذن فيما بملك وإلا وجبت، ففي صورة القطع تجب نصف الدية، لأنه الحادث بالسراية، وفي حالة الأمر بالقتل ابتداء تجب الدية، وعلى القول الأول تسقط الدية ولكن تجب الكفارة، فإن الكفارة تجب على الصح لحق اللّه تعالى والإذن لا يؤثر فيها، تجب على كل حال، ولو قال له: اقتلني وإلا قتلتك، فقتله، فلا قصاص ولا دية في الأظهر.