الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص1970
ثم لا يتهيأ للمؤمنين جميعاً، أن يجتمعوا على القصاص، فأقاموا مالسلطان مقام أنفسهم في إقامة القصاص وغيره من الحدود، وليس القصاص بلازم، إنما اللازم إلا يتجاوز القصاص وغيره من الحدودالى الاعتداءن فأما إذا وقع الرضا بدون القصاص من دية، أو عفو فذلك مباح، فلا يجوز لأحد أن يقتص من أحد حقه دون السلطان الذي أعطاه اللّه هيذه السلطة، وليس للناس أن يقتص بعضهم من بعض، وإنما يكون ذلك للسلطان، أو من نصبه السلطان لذلك، ولهذا جعل اللّه السلطان ليقبض أيدي الناس بعضهم عن بعض.
السلطان يقتص من نفسه
واجمعم العلماء على أن على السطان أن يقتص من نفسه أن تعدى على احد من رعيته ظلماً، غذ هو واحد منهم، وإنما له مزية النظر لهم كالوصي والوكيل، وذلك لا يمنع القصاص منه، وليس بين السلطان وبين العامة فرق في أحكام اللّه عز وجل، لقوله جل ذكره: كتب عليكم القصاص في القتلى
وثبت عن أبي بكر الصديق رضي اللّه تعالى عنه، أنه قال لرجل شكا إليه أن عاملاً “أي حاكماً” قطع يده بغير حق: لئن كنت صادقاً لأقيدنك منه.
وروى النسائي عن أبي سعيد الخدري قال: بينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم شيئاً إذ أكب عليه رجل، فطعنه رسول اللّه بعرجون كان معه، فصاح الرجل فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (تعال فاستقد) قال: بل عفوت يا رسول اللّه، وروى أبو داود الطيالسي عن أبي فراس قال: خطب عمر بن الخطاب رضي اللّه تعالى عنه، فقال: إلا من ظلمه أميره فليرفع ذلك إلي أقيده منه، فقام عمرو بن العاص فقال: يأمير المؤمنين، لئن أدب الرجل منا رجلاً من أهل رعيته، لتقصنه منه؟ قال: كيف لا أقصه منه، وقد رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقص من نفسه)؟
ولفظ أبي داود السجستاني عنه قال: خطبنا عمر بن الخطاب فقال: إني لم أبعث عمالي ليضربوا أبشاركم، ولا ليأخذوا أموالكم فمن فعل ذلك به فليرفعه إلي أقصه منه) وذكر الحديث بمعناه).
– – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – –
3 مبحث عناية الشريعة بدماء الناس
-وقد عنيت الشرعة الإسلامية بالمحافظة على دماء الناس عناية تامة، فددت الجناة الذين يعتدون على دماء الناس تهديداً شديداً(1)
ويكفي في زجر المسلم الذي يؤمن باللّه واليوم الآخر، قوله تعالى: ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها، وغضب اللّه عليه، ولعنه، وأعدّ له عذاباً عظيماً
فإن في هذه الآية من الشدة ما تقشعر له جلود العتادة، إن كانوا مسلمين.
– – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – –