پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص1968

ووجه التمسك به أن اللّه تعالى ذكر في هذه الآية حكم القتل الخطأ، فتعين أن يكون القصاص واجباً وثابتاً فيما هو ضد الخطأ، وهو العمد، ولم تعين بالعمد لا يعدل عنه لئلا تلزم الزيادة على النص بالرأي، ولأن اللّه تعالى قال: كتب عليكم القصاص في القتلى

ومعناه، فرض، وأثبت، كما قال تعالى: كتب عليكم الصيام

وقال: وكتب عليكم القتال

وقال تعالى: إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً

ومعناه الفرض الثابت.

وقيل: إن ما (كتب) في الآيات هنا، إخبار عماكتب في اللوح المحفوظ، وسبق به القضاء أزلا، وصورته أن القاتل فرض عليه إذا أراد الولي القتل الاستسلام لأمر اللّه تعالى، والانقياد لقصاصه المشروعن وأن الولي فرض عليه الوقوف عند قاتل وليهن وترك المعتدي على غيره، كما كانت العرب تتعدى فتقتل غير القاتل. وهو معنى قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم (إن من أعتى الناس على اللّه يوم القيامة، ثلاثة رجل قتل غير قاتله، ورجل قتل في الحرم، ورجل أخذ بذحول الجاهلية) والذحول هو العداوة، والحقد.

قال الشعبي وقتادة وغيرهما، إن اهل الجاهلية كان فيهم بغين وطاعة للشيطان، فكان الحي إذا كان فيه عز ومنعه، فقتل لهم عبد قتله عبد قوم آخرين، قالوا: لا نقتل به إلا شريفاًن ويقولون: القتل أوقى للقتل) بالواو والقاف، ويروى (أبقى) بالباء والقاف، ويروى (أنفى) بالنون والقاء، فنهاهم اللّه عن البغي فقال: كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر، والعبد بالعبد

الآية ولكم في القصاص حياة

.

وروى البخاري والنسائي والدارقطني عن ابن عباس رضي اللّه عن ابن عباس رضي اللّه تعالى عنهما قال: ( كان في بني إسرائيل القصاص، ولم تكن فيه الدية) فقال اللّه لهذه الأمة كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر، والعبد، بالعبد، والأنثى بالأنثى، فمن عفي له من أخيه شيء

فالعفو أن يقبل الدية في العمد، فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان

يبتع بالمعروف، ويؤدي بإحسان ذلك تخفيف من ركم ورحمة

مما كتب على من كان قبلكم فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم

أي قتل بعد قبول الدية، هذا لفظ الإمام البخاري: في سبب نزول الآية.

وظاهر الآية الكريمة يوجب القود بالقصاص أينما يوجد القتل، ولا يفصل بين العمد والخطأ، إلا أنه تقيد بوصف العمدية، بالحديث النبوي المشهور، الذي تلقته الأمة بالقبلو، وهو قوله عليه الصلاة ولاسلام (العمد قود) أي موجبة قود. لأن الحديث لو لم يكن يوجب تقييد الآية لم يكن القود موجب العمد فقط، فلا يكون لذكر لفظ العمد فقط، فلا يكون لذكر لفظ العمد فائدة.