الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص1941
الحنفية، والشافعية في أحد آرائهم قالوا: لا يجب الحد في التعريض وإن نوى القذف، وذلك مثل أن يقول: يا أبن الحلال، أما فما زنيت أنا معروف النسب ليست أمي زانية ابحث عن أصلك، أنا عفيف الفرج لأن التعريض بالقذف محتمل للقذف وغيره فرجب أن لا يحد لأن الصل براءة الذمة فلا يرجع عنه بالشك وإنما يجب عليه التعزير فقط، لأن قذف غير المعين لا يحصل به كبير أذى للناس، لأن كل واحد يقول المراد بذل غيري، ولأن الاحتمال الذي في الاسم المستعار شبهة، والحدود تدرأ بالشبهات.
المالكية قالوا: يجب إقامة الحد في التعريض مطلقاً، نوى به القذف، أو لم يقو، وذلك لأنه لا يخلو من قصد احد بذلك في نفسه، فنأخذ له حقه منه، وإن كنا لانعلم ذاته. تطهيراً لذلك القاذف من هذه العادة وتربية لنفسه الخبيثة، وقد كان عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه يضرب الحد في التعريض روي أن رجلين استبا في زمن عمر بن الخطاب رضي اللّه تعالى عنه فقال أحدهما للآخر: والله ما أنا بزان، ولا أمي بزانية، فاستشار عمر الناس في ذلك فقال قائل مدح أباه وأمه، وقال آخرون: قد كان لأبيه وأمه مدح غير هذا، فجلده ثمانين جلدة. ولأن الكناية قد تقوم بعرف العادة مقام النص الصريح، وإن كان اللفظ فيها مستعملاً في غير موضعه، والتعريض خاص بالأكابر من أهل الدنيا، الذين يراعون ناموسهم عند الخلق.
الشافعية في الرأي الثاني، والحنابلة في إحدى روايتهم قالوا: إن نوى بالتعويض القذف، وفسره به وجب إقامة حد القذف عليه، وإن لم ينو لا حد عليه، والقول قوله مع يمينه.
الحنابلة، في روايتهم الثانية قالوا: يجب الحد على الإطلاق، نوى أو لم ينون خصوصاً إذا كان في حالة غضب وثورة، لنها قرينة تفيد أنه يقصد إهانته، وإلحاق العار بالمقذوف.
عدم قبول شهادته
اتفق الأئمة على أن القاذف لا تقبل شهادته بعد إقامة الحد عليه، لأن الشارع قد رتب على قذف المحصن أو المحصنة ثلاثة أشياء، الجلد ثمانين جلدة، ورد الشهادة أبداً، والحكم عليه بالفسق، حيث قال تعالى: فاجلدوهم ثمانين جلدة، ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً، وأولئك هم الفاسقون