پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص1939

وقد أتفق الأئمة رحمهم اللّه: على أن الحر البالغ، العاقل، المسلم، المختار، إذا قذف حراً عاقلاً، بالغاً، مسلماً، عفيفاً، لم يحمد في زنا، في سالف الزمان، أو قذف حرة، بالغة، عاقلة، مسلمة، عفيفة، غير متلاعنة، لم تحد في زنا، مطيقة للوطء، قذفها بصريح الزنا، أو كنايته، في غير دار الحرب، وطلب المقذوف بنفسه إقامة حد القذف لزمه ثمانون جلدة، إذا لم يستطع، إقامة البينة، لإثبات ما قاله، بأربعة شهداء عدول.

وإنما اعتبروا الإسلام شرطاً في الإحصان لقوله صلى اللّه عليه وسلم: (من أشرك بالله فليس بمحصن)، واعتبروا العقل، والبلوغ، لقوله صلى اللّه عليه وسلم: (رفع القلم عن ثلاث) واعتبروا الحرية، لأن العبد ناقص الدرجة، فلا يعظم عليه التعيير بالزنا، واعتبروا العفة عن الزنا، لأن الحد مشروع لتكذيب القاذف، فإذا كان المقذوف زانياً، فالقاذف صاق في القذف، وكذلك إن كان المقذوف وطىء امرأة بشبهة، أو نكاح فاسد، لآن فيه شبهة الزنا، كما فيه شبهة الحل، فكما إن احجى الشبهتين اسقطتت الحد عن الواطىء، فكذا الأخرى تسقطه عن قاذفه أيضاً، واعتبروا الاختيار، لأن المكره، لا يقام عليه الحد، بل يرفع عنه العقاب واعتبروا بها، من شروط المحصن، ان لا يحد في زنا في سالف الزمان، حتى يكون محصناً ظاهراً.

فلو زنا في عنفوان شبابه مرة، ثم تاب، وحسن حاله، وشاخ في الصلاح لا يحد قاذفه، وكذلك لو زنا كافر، أو رقيق، ثم أسلم، وعتق، وصلح حاله فقذفه قاذف لاحد عليه، بخلاف ما لوزنا في حال صغره، أو جنونه، ثم بلغ، أو أفاق فقذفه يحد، لأن فعل الصبي والمجنون لا يكون زنا، ولو قذف عنيناً أو مجبوباً، أو رتقاء أو صغيرة لا تطيق فلا حد عليه، ولو قذف محصناً فقبل ان يحد القاذف زنا المقذوف، سقط الحد عن قاذفه، لأن صدور الزنا يورث ريبة في حاله فيما مضى، لأن اللّه تعالى كريم لا يهتك ستر عبده في أول ما يرتكب المعصية. فبظهوره يعلم أنه كان متصفاً به من قبل روي أن رجلاً زنا في عهد عمر بن الخطاب رضي اللّه تعالى عنه، فقال الرجل: والله ما زنيت إلا هذه، فقال له عمر: كذبت إن اللّه لا يفضح عبده في أول مرة.