پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص1934

ومثل ذلك ما إذا أراد ان يسرق فثقب المدار، أو تسور الجار، ثم منعه من السرقة مانع، فإنه يستحق في هذه الحالة عقوبة العتزير الرادعة عن العودة. وكذا من أقدم على السرقة، ولم تتوفر فيه الشروط التي ذكرها الفقهاء، فإن اشارع يوجب تعزيره كي لا يعود. ولعل فيما ذكرناه ما يقنع هؤلاء الذين يتخيلون شدة هذه العقوبة فيدركوا انها هي عين الرحمة للسارقين، وللمجتمع كله.

3 باب حد القذف

-فأما حد القذف فقد بينه اله سبحانه وتعالى بقوله في كتابه العزيز والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء، فاجلدوهم ثمانين جلدة، ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً، وأولئك هم الفاسقون

آية 4 من سورة النور(1).

والقذف هو عبارة عن أن يتهم شخص آخر بالزنا صريحاً، كأن يقول: أنت زان، أو دلالة، كأن ينسب شخص آخر إلى غير أبيه، فمن صدر منه ذلك كان جزاءه أن يجلد ثمانين جلدة، ما لم يأت بأربعة شهداء يشهدون بأنهم رأوا، بأعينهم المتهم يزني في امرأة لا تحل له(2).

لا فرق بين أن يكون القاذف والمقذوف، رجلاً أو امرأة، وإنما خص اللّه المقذوف من النساء بالذكر، حيث عبر المحصنات، لأن ضرر الزنا يتعدى المرأة إلى أسرتها فقذفها يصيبهم به معرة شديدة، بخلاف الرجل.

وكذلك خص اللّه القاذف من الرجال بالذكر حيث قال تعالى: والذين يرمون

لأن النساء يغلب عليهن الحياء عادة، فلا يقذفن الرجال بالزنا.

وقد بينت السنة أنه لا فرق بين الرجال، والنساء في القذف، كما بينت الشروط اللازمة الاقامة حد القذف، من عقل، وحرية إلى آخر ما هو مبين في كتب الفقه.

على أن الآية الكريمة قد أشارت إلى أهم شرط من هذه الشوط، وهو أن يكون المقذوف محصناً، ذكراً كان، أو أنثى، ومعنى إحصانه هنا، أن لا يكون قد ارتكب جريمة الزنا قبل قذفه، أو بعده قبل إقامة الحد، فإن ثبت عليه ذلك، فإنه لا يكون محصناً، ويسقط الحد عن القاذف.

ومن أتى امرأة بعقد فاسد، كأن تزوجها بغير شهود. أو أتى امرأة وهي نائمة ظناً منه أنها زوجته، وهي ليست كذلك، فإن حد الزنا يسقط عنه بهذه الشبهة، ولكن هل يرفع عنه فعله الاحصان، بحيث لو قذفه شخص بالزنا لا يجلد ثمانين جلدة؟ أو لا يزال محصناً يُحَدُّ قاذفه؟ خلاف بين العلماء.

فبعضهم يرى أن اقدام على هذا الفعل بدون حيطة يرفع الإحصان.

وبعضهم يقول: لا يرفع عن الإحصان إلا الزنا الموجب للحد، فهذا هو حد القذف.

– – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – –

(1) (تعريفه