الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص1933
وقد روى أبن ماجة من حديث أبن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن ثعلبة النصاري عن ابيه عن عمر بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس جاء إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: يارسول اللّه إنتي سرقت جملاً لبني فلان فطهرني، فأرسل إليهم النبي صلى اللّه عليه وسلم فقالوا: إنا افتقدنا جملاً لنا فأمر به فقطعت يده، وهو يقول الحمد اللّه الذي طهرني منك، اردت أن تدخلي (جسدي النار) فهد التوبة النصوح.وقال اب جرير حدثنا أبو كريب، حدثنا موسى بن داود، حدثنا أبن لهيعة عن يحيى بن عبد اللّه عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد اللّه بن عمرو قال: سرقت امرأة حلياً فجاء الذين سرقتهم فقالوا: يا رسول اللّه سرقتنا هذه المرأة، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (اقطعوا يدها اليمنى) فقال المرأة: هل من توبة؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (أنت اليوم من خظئتك كيوم ولدتك امك) قال: فأنزل اللّه عز وجل: فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فأن اللّه يتوب عليه إن اللّه غفور رحيم
.
وقد رواه الإمام أحمد بأبسط من هذا فقال: حدثنا أبن لهيعة، حدثني يحيى بن عبد اللّه عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد اللّه بن عمرو أن امرأة سرقت على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فجاء بها الذين سرقتهم، فقالوا: يا رسول اللّه إن هذه المرأة سرقتنا، قال قومها: فنحن نفديها، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (اقطعوا يدها) فقالوا نحن نفديها بخمسمائة دينار فقال: (اقطعوا يدها) فقطعت يدها اليمنى فقالت المرأة هل لي من توبة يا رسول اللّه؟ قال: (نعم أنت اليوم من خطيئتك كيوم ولدتك امك) فأنزل اللّه في سور المائدة: فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن اللّه يتوب عليه ان اللّه غفور رحيم
وهذه المرأة هي المخزومية التي سرقت، وحديثها ثابت في الصحيحين كما سبق في أول الباب.
وروي عن السيدة عائشة رضي اللّه تعالى عنها أنها قال عنها: إنها تابت وحسنت توبتها بعد، وتزوجت، وكانت تأتيني بعد ذلك، فأرفع حاجتها إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فهذه هي التوبة الخالصة، التوبة النصوح التي تحمل صاحبها على الندم على ما وقع منه، وتشعره بالحسرة على ما فرط في جنب اللّه عز وجل ويجبره على الإقلاع عن الذنب.)
– – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – –
4 مبحث فائدة تحديد النصاب في القطع
ولعل قائلاً يقول: إن النظر إلى الجريمة في هذا الوجه يقتضي أن يد السارق تقطه، ولو سرق درهماً واحداً، فما فائدة تخصيص القطع بعشرة دراهم؟
والجواب: ان الشارع أراد أن يجعل سبب القطع مالاً له قيمة في الجملة، وهو ما يتضرر به صاحبه، فالعشرة دراهم قد تكون قوت أسرة فقيرة يومين، فاذاسرقت منها تضررت، أما ما دون ذلك، فإنه لا يودب القطع لهوانه غالباً، فإذا أفلت من القطع في هذه الحالة، فإنه لا يفلت من التعزير بالسجي، أو الضرب حتى لا يتعود.