الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص1917
الحنفية قالوا: من سرق من ابويه، وإن عليا، لا يقطع، لأنها في العادة تكون معها البسوطة في المال، والإذن في الدخول في الحرز، حتى يعد كل منهما بمنزلة الآخر. ولقوة حنان الأبوين على البناء وعطفهما عليهم، ولذا منعت شهادته شرعاً. وأما سرقة الب من مال الابن فلقوله صولات اللّه وسلامه عليه للولج: (أنت ومالك لأبيك). وأما ذوو الأرحام وهم الخ، والأخت، والعم، والعمة، والخال، والخالة، فللإذن في الدخول في الحرز، فقد ألحقوا بقرابة الأولاد، لأن الشرع ألحقهم بهم في إثبات الحرمة وافتراض الوصل. ففي الحديث القدسي: (قال اللّه عز وجل أنا اللّه، وأنا الرحمن خلقت الرحم، وشققت لها اسماً من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته). ولهذا ألحقناهم بالأولاد في عدم القطع بالسرقة، ووجوب النفقة، ولأن الأذن بين هؤلاء إثبات الحرمة وافتراض الوصل. ففي النظر منها إلى مواضع الزينة الطاهرة والباطنة، كالعضد للدملوج، والصدر للقلادة، والساق للخلخال. وما ذاك إلا للزوم الحرج لو وجب سترها عنه، مع كثرة الدخول عليها، وهي مزاولة الأعمال وعدم احتشام أحدهما من الآخر، وايضاً فهذه الرحم المحرمة يفترض وصلها، ويحرم قطعها، وبالقطع يحصل القطعها؟؟، وبالقطع يحصل القطع، فوجب صونها بدرء القطع.
ومما يدل على نقصان الحرز فيها قوله تعالى: ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكمن أو بيوت آبائكم، أبو بيوت أمهاتكم أو بيوت غخوانكم، أو بيوت أخواتكم، أو بيوت أعمامكم، أو بيوت عماتكم، أو بيوت أخوالكم، أو بيوت خالاتكم، أو ما ملكتم مفاتحه أوصديقكم
ورفع الجناح عن الكل من بيوت الأعمام أو العمات مطلقاً يؤنس إطلاق الدخول، ولو سلم فإطلاق الأكل مطلقاً يمنع قطع القريب.
قالوا: ولو سرق من بيت ذي الرحم المحرم متاع غيره لا يقطع، ولو سرق مال ذي الرحم المحرم من بيت غيره يقطع اعتباراً للحرز وعدمه. ولو سرق من أبويه وإخوته من الرضاع، لن الرضاع قلما يشتهر فلا بسوططة في الدخول من غير استئذان تحرزاً عن موقف التهمة، بخلاف القرابة من النسب فإنه يشتهر ويعرف.
المالكية قالوا: إذا سرق الأبوان أو الأجداد من أولادهما وأولاد اولادهما فلا قطع على واحد منهم. أما إذا سرق الفروع من الصول فإنه يقطع، لأنه لا حق للولد في مال والديه، ولذا يحد بالزنا بجاريتهما ويقتل بقتلهما، أما باقي القرابات من ذوي الرحام فيجب القطع على سرقة أواملهم من غير خلاف بينهم ا هـ.
الشافعية قالوا: من شورط المسروق عدم شبهة فيه لحديث (ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم) سواء في ذلك شبهة الملك كمن سرق مشتركاً بينه وبين غيره، أو شبهة الفاعل كمن أخذ مالاً على صورة السرقة بظن أنه ملكه، أو ملك أصله، أو فرعه، أو شبهة المحل كسرقة الابن مال أصوله، أو احد الصول مال فرعه، فلا قطع بسرقة مال أصل للسارق وإن علا، وسرقة فرع له ،إن سفل، لما بينهما من الاتحاد، وإن اختلفت دينهما، ولن مال كل منهما مرصد لحاجة الآخر، ومنها أن لا تقطع يده بسرقة ذلك المالن بخلاف سائر القارب، من ذوي الرحام وغيرهم، فإنه يقطع بالسرقة منهم، فقد ألحقهم الإمام الشافعي رحمه اللّه تعالى بالقرابة البعيدة، فيقطع.