پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص1913

واتفق الآئمة على أنه إذا سرق خمراً، أو خنزيراً، أو كلباً (ولو مقتنى للحراسة)، أو جلد ميتة بلا دبغ، فلا يجب القطع، لأن هذه الأشياء ليست بمال، فإن بلغ إناء الخمر نصاباً قطع به، وكذلك إن شارك السارق غير مكلف كصبي، ومجنون، ومن سكر بحلال، فلا قطع لغير المكلف، وكيذلك إن شاركه والد صاحب المال فلا قطع لدخوله مع ذي شبهة قوية، ولا قطع على من سرق أضحية ذبحت وهي تساوي نصاباً لخروجها لله بالذبح، وكذلك الهدي في الحج، أما لو سرقت قبل الذبح فإنه يقطع سارقها، كما لو سرق قدر نصاب من لحمها، أو جلدها الذي ملكه الفقير بصدقة فيقطع، وإذا ملكه السارق بإرث، أو شراء، قبل إخراجه من الحرز، أو نقص عن مقدار نصاب بأكل وغيره لم يقطع بسرقته.

إذا ادعى السارق أنه ملكه

المالكية – قالوا: إن السارق إذا ادعى أن المسروق من الحرز ملكه بعد قيام بينة على أنه سرق نصاباً من حرز قطع بكل حال، ولا تقبل دعواه المك، لقوة التهمة وغلبنة الكذب على مثل السارق، وهروبه مما يوجب قطع يده أو رجله، وضعف إيمانه،

الحنفية، والشافعية، والحنابلة في احدى رواياتهم قالوا: أنه لا يقطع، وسماه الإمام الشافعي السارق الفقيه، لأن قوله: هذا ملكي يحتمل الصدق، وهو شبهة يدرأ بها الحد، وإن لم يقم بينة.

الحنابلة في أحدى رواياتهم قالوا: إنه لا يقطع، وفي الرواية الأخرى: إنه يقبل قوله إذا لم يكن معروفاً بالسرقة، ويسقط عنه القطع، وإن كان معروفاً بالسرقة قطع، وهو الرجح لئلا يتخذ الناس ذلك دريعة لدفع الحد عنهم. واتفقوا: على أنه إذا ابتلع السارق في الحرز مالاً، لا يفسد بالابتلاع كالجواهر، قدر نصاب ثم خرج فإنه يقطع به. أما إذا ابتلع شيئاً يتلف بالابتلاع كاللحم، والعنب، ما يساوي نصاباً، فلا قطع عليه، بل يجب عليه الضمان فقط، وإذا أتلف شيئاً في الحرز بحرق أو كسر فإنه يضمنه، أما إذا أخرجه سالماً ثم تلف المال بعد الخروج من الحرز فإنه يقطع به، وإذا أشار إلى حيوان بعلف ونحوه، فخرج من الحرز إليه، ثم سرقه، فإنه يقطع به لأنه خرج من الحرز بعمله.

السرقة من الغنيمة وبيت المال

الحنفية قالوا: إن السارق من المغنم لا يقطع، لأن له قيه نصيباً، وهو مأثور عن الإمام علي كرم الله وجهه ورضي الله عنه، درأ، وتعليلاً، رواه عبد الرزاق في مصنفه، أخبر الثوري رحمه الله تعالى عن سمالك بن حرب عن أبي عبيدة بن الأبرص، وهو زيد بن دثار، أنه قال: اتي الإمام علي برجل سرق من الغنيمة مفراً، قبل قسمتها فلم يقطعه.