پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص1911

الشافعية والمالكية، والحنابلة – قالوا: إن جاحد العارية يقطع، إذا بلغت قيمة ذلك نصاباًن وذلك لأن جعل العارية عنده، كجعلها في حرز، بجامع أنه استأمنه على حفظها، فكان جحده لها كفتح الحرز وأخذها، لاسيما ما ورد في الحديث، من أنها ضمونة، ولما روي (أن امرأة كانت تستعير المتاع وتجحده. فأمر النبي صلى اللّه عليه وسلم بقطعها). الحنفية قالوا: من استعار شيئاً من غيره، ولما طلبه صاحبه أنكر المال ولم يرده وكانت قيمته نصاباً أو أكثر، وثبت ذلك عليه. فلا قطع عليه، وذلك لأن المعتبر هو المفرط في إعارة من لا يؤمن منه الجحد، فما استأمنه أولاً، كان من المعروف عدم قطعه ثانياً، إذا عرضت له الخيانة، ولأن الحرز قاصر هنا، لأنه قد كان في يد الخائن وحرزه، لا حرز المالك على الخلوص، وذلك حرزه وإن كان حرز المالك، فإنه أحرزه بإيداعه عنده، لكنه حرز مأذون للسارق في دخوله.

وقد أجاب الحنفية عن حديث السيدة عائشة رضي الله عنها الذي احتج به الأئمة الثلاثة في وجوب القطع على الخائن والخائنة، بأن القطع الذي حدث كان عن سرقة، لا عن جحد عارية، أو خيانة، بعد أن كانت المرأة متصفة، مشهورة بجحد العارية، فعرفتها عائشة بوصفها المشهور، فالمعنى أن امرأة كان وصفها جحد العارية، فسرقت فأمر النبي صلى اللّه عليه وسلم بقطعها، بدليل أن في قصتها، أن أسامة بن زيد شفع فيها الحديث إلى أن قال: فقام عليه الصلاة السلام خطيباً فقال: (إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، واذاسرق فيهم الضعيف قطعوه) وهذا بناء على أنها حادثة واحدة، لا مرأة واحدة، لأن الصل عدم التعدد، وللجمع بين الحديثين، خصوصاً وقد تلقت المة الحديث الآخر بالقبول، والعمل به، فو فرض انها لم تسرق كان حديث جابر مقدماً، ويحمل القطع بجحد المتاع، وأخرى بالسرقة، يحمل على نسخ القطع بالعارية بما قلنا، فقد روي في سنن أربعة من حديث جابر عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (ليس على خائن، ولا متهب، ولا مختلس، قطع) رواه الخمسة وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وقال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم: (لا قطع على مختلس ولا منتهب ولا خائن.

جاحد الوديعة.

الحنفية، والشافعية، والمالكية قالوا: إن جاحد الوديعة لا يقطع، ولو ثبت ذلك عليه، وكان المال المودع نصاباً فأكثر، وذلك لأن المودع هو المفرط في إيداع ماله، لمن لا يحفظهن ويرده إليه سالماً، واستدلوا على ذلك بأن القرآن والسنة أوجباً القطع على السارق والجاحد للوديعة، ليس بسارق. الحنابلة، وإسحاق، وزفر، والخوارج قالوا: يجب أن يقام حد السرقة على جاحد العارية، ويعقطع، لأنهم لم يشترطوا في القطع، ان يكون من حرز، ولأن جاحد الوديعة داخل في اسم السرقة، لأنه هو والسارق لا يمكن الاحتراز منهما، بخلاف المختلس، والمنتهب، كما قال أبن القيم رحمه الله تعالى. واستدلوا على مذهبهم بما روي عن أبن عمر قال: (كانت مخزومية، تستعير المتعاع وتجحده، فأمر النبي صلى اللّه عليه وسلم بقطع يدها) رواه أحمد، والنسائي، وأبو داود.