پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص1908

وما روي عن الرسول صلى اللّه عليه وسلم قوله: (لا قطع على المختيفي) قال: وهو النباش بلغة أهل المدينة، أي بعرفهم. وأما الآثار، فقال أبن المنذر: روي عن أبن الزبير أنه قطع نباشاً، وهو ضعيف. وما روي عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، أنه وجد قوماً يختفون القبور باليمن على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فكتب فيهم إلى عمر رضي الله عنه، فكتب عمر أن اقطع ايديهم. وما روي عن الزهري أنه قال: أتي مروان بقوم يختفون – أي ينبشون القبور – فضربهم، ونفاهم، والصحابة متوافرون رضوان الله عليهم. وما روي عن الزهري أيضاً قال: أخذ نباش في زمن معاوية، وكان مروان على المدينة، فسأل من بحضرته من الصحابة، والفقهاء، فأجمع رأيهم على أن يضرب، ويطاف. وام من جهة المعنى فلأن الكفن مال متقوم محرز يحرز مثله، فإن القبر حرز للميت، وثيابه تبع له، فيكون حرزاً له أيضاً، فيقطع من يسرقه، ولأنه لا يجوز ترك الميت عارياً، فصارت هذه الحاجة قاضية بأن القبر حرز. وقد سمى النبي صلى اللّه عليه وسلم القبر بيتاً في حديث أبي ذر حيث قال له النبي صلى اللّه عليه وسلم: (كيف أنت إذا أصاب الناس موت، يكون الموت فيه بالوصيف – يعني القبر – قلت: الله ورسوله أعلم، أو ما خار الله لي ورسوله، قال صلى اللّه عليه وسلم: عليك بالصبر). وقد بوب أبو داود عليه قال: باب قطع النباش، قال أبن المنذر: واستدل به أبو داود لأنه سمى القبر بيتاً، والبيت حرز، والسارق من الحرز يقطع بلا خلاف، ولأنه حرز مثله، لأن حرز كل شيء ما يليق به، فحرز الدواب بالإصطبل، وحرز الدرة بالحق والصندوق، والخزينة، والشاة بالحظيرة، فلا يقطع، فكان أخذا الكفن من القبر عين السرقة، ولأن الله تعالى جعل الأرض للإنسان ليسكن فيها حياً، ويدفن فيها ميتاً، وهذا إذا كان القبر في صحراء، أما إذا كان القبر داخل بيت عليه باب مفاق كما هو الحال في أموات القاهرة، وأن كل أسرة تختص بمكان متسع مبني يقال له: (حوش) وبداخله قبور الموتى، ويغلق عليهم، فقال بعض العلماء: يقطع السارق لأكفان الموتى من دار هذا المبنى، لوجود الحرز وهو الباب والغلق. الحنفية – قالوا: لا يقطع ايضاً في هذه الحال، وإن كان الحرز موجوداً، للموانع الأخرى، من نقصان المالية، وعدم الملوكية، ولأن المال ما يجري فيه الرغبة والضنة به، والكفن ينغر عنه كل من علم أنه كفن به ميت، إلا نادراً من الناس، ولن شرع الحد للأنزجار، والحاجة إليه، لما يكثر وجوده، فأما ما يندر فلا يشرع فيه، وكذلك الخلاف، إذا سرق من تابوت في القافلة، وفيه الميت.

الحنفية – قالوا: لو اعتاد لص سرقة أكفان الموتى، فللإمام أن يقطعه سياسة لا حداً، وهو محمول على ما رووه من الأحاديث والآثار، إن صحت. اتفق الأئمة على أن القطع لا يكون إلا على من أخرج من حرز ما يجب فيه القطع من المال. فإذا جمع الثايب في البيت ثم ضبط قبل أن يحملها، فلا قطع عليه، وكذلك إذا شعر به أهل الدار فترك المتاع بعد حزمه، وهرب، ثم ضبط خارح الدار ولم يكن معه مسروقان، فلا قطع عليه لأن الدار كلها حرز واحد ولكن للحاكم أن يعزره في هذه الحال بما يراه، من السجن، والغرامة، والضرب، وغير ذلك.

إذا سرق مسلم من مستأمن

الحنفية – قالوا: لو سرق مسلم نصاباً من مال مستأمن فلا يجب على السارق القطع، لأن هذا المال في الأصل ملك للحربي، ومال الحربي غنيمة لا يقطع بسرقته. الشافعية، والمالكية، والحنابلة – قالوا: إذا سرق مسلم مقدار نصاب من مال ملك لرجل مستأمن يجب القطع على السارق، لأنه مال محرز مملكوك للمستأمن، فتجري عليه أحكام أهل الذمة، وأهل الإسلام ما دام في بلادنا.

إذا سرق مستأمن أو معاهد

المالكية، والحنابلة – قالوا: إذا سرق مستأمن، أو معاهد من مال مسلم أو ذمي وجب عليهما القطع. الحنفية – قالوا: أنه لا يجب القطع عليهما، فإنه ربما يكون لنا أسرى في بلاد الحرب عند الأعداء، فينتقمون منهم بسبب قطعنا للمعاهد، والمستأمن، فيترك القطع مراعاة للمصلحة العامة، ولن شريعة الإسلام لا تطبق عليهم. الشافعية – قالوا: إذا سرق معاهد، أو مستأمن مال مسلم أو ذمي أو معاهد، فأرجح الأقوال: ان شرط عليه في عهده قطعه بالسرقة، يجب القطع لا لتزامه، وإلا فلا يقطع لعدم التزامه. وقالوا: إن الأظهر عند الجمهور، أنه لا يجب القطع عليهما بالسرقة.

إذا سرق مسلم مال ذمي