الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص1902
(1) (صفة الحرز: الحنفية – قالوا: إن صفة الحرز الذي يقطع من سرق منه، هو أن يكون حرزاً لشيء من الأموال، فكل ما كان حرزاً لشيء منها، كان حرزاً لجميعها، ثم حرز كل شيء على حسب ما يليق به، قال عليه الصلاة والسلام: (فإذا آواه الجرين (موضع التمر اليذي يجفف فيه) – يعني اليدر – ففيه القطع) وقال صلوات الله وسلامه عليه: (لا قطع في حريسة (أي المحروسة به، فليس بالجبل إذا سرق قطع لأنه ليس بحرز، وقيل الحريسة: الشاة التي يدركها الليل قبل أن تصل إلى مأواها) الجبل، وما آواه المراح (هو المكان الذي تأوي إليه الماشية ليلاً للمبيت فيه) ففيه القطع). والحرز ما يكون به المال محروزاً من أيدي اللصوص ويكون بالحافظ كمن جلس بالصحراء، أو في المسجد، أو في الطريق العام وعنده متاعه، فهو محرز به، وسواء كان نائماً، أو مستيقظاً وذلك لما روي أنه عليه الصلاة والسلام قطع سارق رداء (صفوان) مت تحت رأسه، وهو نائم في المسجد وسواء كان المتاع تحته، أو عنده، لأنه يعد حافظاً له في ذلك كله عرفاً، فيقطع من يسرق، ماله، أو متاعه. والحرز بالمكان: هو ما أعد للحفظ، كالدور، والبيوت، والحانوت، والصندوق، فهي حرز لما فيها غاب صاحبها أو حضر فلا يعتبر فيه الحافظ، لأنه محرز بدونته، وهو المكان الذي اعد للحفظ، إلا أن القطع لا يجب من الأخذ بالحرز بالمكان، إلا بالإخراج منه، لأنن يد المالك قائمة ما لم يخرجه السارق، والمحرز بالحافظ يجب القطع لما أخذه، لان يد المالك زالت بمجرد الأخذ، فتمت السرقة، ولو كان باب الدار مفتوحاً فدخل نهاراً، واخذ متاعاً، لم يقطع لآنه مكابرة، وليس بسرقة لعدم الاستسرار على ما بينا. ولو دخل ليلاً قطع لأنه مكان بني للحرز ولو خل بين المغرب والعشاء، والناس منتشرون فهو بمنزلة النهار، ولو علم صاحب الدار باللص، واللص لا يعلم، أو بالعكس قطع لأنه مستخف، وان علم كل واحد منهما بلآخر لا يقطع السارق لأنه مكابرة. وإذا سرق من الحمام ليلاً قطع، وبالنهار لا يقطع لأنه مأذون بالدخول، وهو الدواب حرز لما حملت، وافنية الحوانيت حرز لما وضع فيها في موفق البيع، وغن لم يكن هناك حانوت، كان معه أهله، ام لا، سرقت ليلاً، أو نهاراً، وكذلك موفق عربات الباعة المتجولين في السواق، وموفق الشاة في اسوق مربوطة، أو غير مربوطة حرز، والدواب على مرابطها في الحقول والخلاء محرزة، كان معها اصحابها أم لا فإن كانت الدابة بباب المسجد أو في السوق لم تكن محرزة إلا أن يكون معها حافظ، ومن ربطها بفنائه، أو اتخذ موضعاً مربطاً لدوابه، فإنه حرز لها، ولو سرق لؤلؤة من الاصطبل لم يقطع، لأنه ليس حرزاً لها، والسفينة حرز لما فيها، سواء كانت سائبة أو مربوطة، فإن سرقت السفينة نفسها فهي كالدابة، إن كان معها احد حيثما كانت فهي حرز كالدابة بباب المسجد معها حافظ، ولوسرق ثوباً على شاة لم يقطع لان الشاة لا تحرز إلا أن ينزلوا لها، كان صاحبها معها ام لا. المالكية، والشافعية، والحنابلة، – قالوا: (إن الحرز يختلف باختلاف الامال المحفوظة فيه وقيمتها، والعرف معتبر في ذلك، لأنه لا ضابط له لغة ولا شرعاً، وهو يختلف باختلاف المال ونوعه وثمنه، ويختلف باختلاف البلاد، ويكون بحسب عدل السلطان وجوره، وما كان كذلك فمرجعه العرف والعادة، فالدور والحوانيت حرز، ومرابط الدواب حرز لها، وكذلك الأوعية، وما على ظهور الدواب، والسيارات، تكون حرزاً لما فيها، وما على الإنسان من الملابس، فالإنسان حرز لكل ما عليه، أو هو عنده، نائماً أو مستيقظاً ولا يقطع سارق ما على الصبي من الحلي وغيره، إلا أن يكون معه حافظ يحفظه، كما في الدواب وغيرها.
السرقة في المدن الجامعية والفنادق: اتفق الأئمة؛ على أن الساكنين في دار واحدة – كالعمارات، والفنادق، والمدن الجامعية، وأروقة المساكن، التي يسكن فيها كل رجل بيته على حدة وعليه باب يغلق، يقطع من سرق منهم من بيت صاحبه إذا أخذه، وخرج بسرقته إلى قاعة الدار، وغن لم يدخل بها بيته، ولا خرج بها من الدار، لأن الإخراج إلى صحن الدار كالإخراج إلى السكة العمومية، واتفقوا: على أنه لا يقطع من سرق منهم من قاعة الدار شيئاً، وإن أدخله في بيته، أو أخرجه من الدار، لأن قاعتها مباحة للجميع للبيع والشراء كالطريق العام إلا أن تكون دابة في مربطها، أو مايشبهها من المتاع: كالدراجة وغيرها. واتفق الأئمة الأربعة: على أن باب البيت وغلقه حرز، وحرز الثياب، والنقود، والجواهر، الصناديق المقفلة، وحرز الأمتعة للبياعين، الدكاكين المقفلة عليها، وبوجود حارس لها ليلاً، وحرز الدواب الثمينة الإصطبل، وحرز الأواني، والأوعية، وثياب البذلة، مدخل البيت وعرضه، واختلفوا في الدار المشتركة بينهم. المالكية والفقهاء – قالوا: تقطع يد السارق من الدرا المشتركة بينهم في السكن إذا اخرج المتاع من الحجرة التي هو فيها لأنه حرز له. الصاحبان من الحنيفة – قالوا: لا قطع عليه إلا إذا اخرج المال من الدار، لأنه مأذون له في دخولها ولن الدار مع جميع بيوتها حرز واحد، فلا بد من الإخراج.