الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص1896
المالكية والشافعية – قالوا: إذا سرق السارق اولاً قطعت يده اليمنى من مفصل الكف، ثم حسمت بالنار أو الزيت المغلي، فإذا سرق الثانية، قطعت رجله اليسرى، من المفصل، ثم حسمت بالنار، ثم إذا سرق الثالثة قطعت يده اليسرى، من مفصل الكف، ثم حسمت بالنار، فإذا سرق الرابعة قطعت رجله اليمنى من المفصل، ثم حسمت بالنار، ثم إذا سرق الخامسة، حبس، وعزر، ويعزر كل من سرق إذا كان سارقاً من حيث يدرأ عنه القطع، فإذا درأ عنه القطع لشبهة، عزر حسب مايراه الإمام زاجراً له عن ارتكاب الجريمة وكيفية القطع، ان يجلس ويضبط ثم تمد يدخ بخيط حتى يبين مفصله، ثم تقطه بحديدةحادة ثم يحسم، وإن وجد ارفق، وأمكن من هذا قطع به، لأنه إنما يراد به غقامة المحد، لا التلف، ولهذا لا يقطع السارق، ولا يقام حد، دون القتل على امرأة حبلى، ولا مريض دنف، ولا بين المرض، ولا في يوم مفرط البرد، ولا في يوم شديد الحر، ولا في أسباب التلف – ومن أسباب التلف الي يترك إقامة الحد فيها إلى البرء، ان تقطع يد السارق فلا يبرأ حتى يسرق فيؤخر حتى تبرأ يده، ومن ذلك ان يجلد الرجل فلا يبرأ جلده حتى يصيب حداً، فيترك حتى يبرأ جلده، وكذلك كل قرح أو مرض أصابه. وحجتهم في جواز القطع في المرة الثالثة والرابعة ما روي من محديث جابر بن عبد اله رضي الله عنهما (أن النبي صلى اللّه عليه وسلم أي بعبد سرقن فقطع يده اليمنى، ثم أي به في الثانية فقطع رجله، ثم أتي به في الثالثة، فقطع يده اليسرى، ثم أتي به في الرابعة فقطع رجله اليمنى. وأخرج الدار قطني من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال في السارق: (إن سرق فاقطعوا يده، ثم إن سرق فاقطعوا رجله، ثم إن سرق فاقطعوا يده ثم إن سرق فاقطعوا رجله). وبما روي عن الإمام الشافعي رحمه الله أنه قال: أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن ابيه ان رجلاً من أهل اليمن أقطع اليد والرجل، قدم على أب بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، فشكا إليه أن عامل اليمن، طلمه فكان يصلي من الليل، فيقول أبو بكر: وأبيك ما ليلك بليل سارق، ثم إنهم افتقدوا حلياً لأسماء بنت عميس امرأة أبي بكر، فجعل الرجل يطوف معهم ويقول: اللهم عليك بمن بيت أهل هذا البيت الصالح، فوجدوا الحلي عند صائغ زعم أن الأقطع جاء، فاعترف به الأقطع، أو شهد عليه، فأمر أبو بكر رضي الله عنه فقطعت يده اليسرى، وقا أبو ذر: (والله لدعاؤه على نفسه أشد عندي من سرقته). قال الشافعي رحمه الله: فبهذا نأخذ، فإذا سرق أولاً قطعت يده اليمنى، من مفصل الكف، ثم حسمت بالنار، فإذا سرق الثانية قطعت رجله اليسرى من المفصل ثم حسمت بالنار، ثم إذا سرق الثالثة قطعت يده اليسرى من مفصل الكف ثم حسمت بالنار، فإذا سرق الرابعة قطعت رجله اليمنى من المفصل ثم حسمت بالنارن فإذا سرق الخامسة، حبس وعزر، قال أبن المنذر: (ثبت عن أبي بكر وعمر أنهما قطعا اليد بعد اليدن والرجل بعد الرجل) واحتج الحنفية على قولهم بعدم جواز القطع في الثالثةن وإنما يجب حبسه وتعزيره، وغرامتهن بما رواه اليهقي من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال بعد أن قطع رجله وأتي به في المرة الثالثة: (بأي شيء يتمسح، وبأي شيء يأكل) لما قيل له يقطع يده اليسرى، ثم قال: أقطع رجله على أي شيء يمشي؟ إني لأستحي من الله عز وجل، ثم ضربه، وأدخله السجن) – وهو تكريم لابن آدم، وتعظيم لحرمته على حرمة المال. وقد أجاب المالكية والشافعية عن هذا الدليل: بأن هذا الرأي لا يقاوم النصوص، وإن كان المنصوص فيه ضعيف كما قال الحنفية، فقد عاضدته الروايات الأخرى، الواردة بهذا المعنى. فإذا ذهب محل القطع من غير سرقة، بأن كانت اليد اليمنى شلاء، ينتقل القطع إلى اليد اليسرى، وقيل إلى الرجل اليمنى.
الحنابلة – قالوا: في إحدى الروايات عنهم ان السارق لا يقطع في الثالثة موافقة لمذهب الحنفية، مراعاة لحرمة المؤمن وأن منزلته أعظم من المال وتخفيفاً من الشرع على عباده. وفي رواية أخرى عنهم: أن السارق تقطع يده اليسرى في المرة الثاثلة فإن عاد تقطع رجله اليمنى في المرة الرابعة موافقة منهم لمذهب المالكية والشافعية، لأنهم يراعون حرمة المال والتشديد على المنحرفين، السارقين، المفسدين في الأرض. وقال بعض العلماء: إن السارق في المرة الخامسة يقتل، حتى يكون عبرة لغيره ولا يحبس ويغرم، واحتجوا على مذهبهم بحديث خرجه النسائي عن الحارث بن حاطب أن رسول الله صلى اللّه عليه وسلم أتي بلص فقال: (اقتلوه) فقالوا: يا رسول الله إنما سرق قال: (اقتله) قالوا: يا رسول الله إنما سرق قال: (اقطعوا يده)9 قال: ثم سرق فقطعت رجله، ثم سرق على عهد أبي بكر رضي الله عنه حتى عطعت قوائمه كلها، ثم سرق أيضاً (الخامسة) فقال أبو بكر رضي الله عنه: كان رسول الله صلى اللّه عليه وسلم أعلم بهذا حين قال: (اقتلوه) ثم دفعه إلى فتية من قريش ليقتلوه، فيهم عبد الله بت الزبير، رضي الله عنه وكان يحب الامارة، فقال: (أمروني عليكم فأمروه عليهم، فكان إذا ضرب ضربوه حتى قتلوه) وبحديث جابر أن النبي صلى اللّه عليه وسلم أمر بسارق في الخامسة قال: (اقتلوه) فال جابر: فانطلقنا به فقتلناه، ثم اجتررناه فرميناه في بئر ورمينا عليه الحجارة)
– – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – – –
4 قوانين المعاملات في الإسلام