پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص1892

وأما ما يعتبر في الموضع المسروق منهن فوصف واحد. وهو الحرز لمثل ذلك الشيء المسروق، وجملة القول فيهن أن كل شيء له مكان معروف فمكانه حرزه، وكل شيء معه حافظ فحافظه حرزهن فالدور، والمنازل، والحوانيت حرز لما فيها، غاب عنها أهلها، أو حضروا، وكذلك بيت المال حرز لجماعة المسلمين، والسارق لا يستحق فيه شيئاً، وإن كان قبل السرقة ممن يجوز أن يعطيه الإمام، وإنما يتعين حق كل مسلم بالعطية، الا ترى أن الإمام قد يجوز ان يصرف جميع المال إلى وجه من وجوه المصالح، ولا يفرقه في الناس أو يفرقه في بلد دون بلد آخر، ويمنع منه قوماً دون قوم ففي التقدير أن هذا السارق مما لا حق له فيه، فيقطع إذا سرق منه. وظهور الدواب حرز لما حملت، وأفنية الحوانيت حرز لما وضع فيها في موقف البيع، وإن لم يكن هناك حانوت، كان معه أهله، ام لا، سرقت بليل، أو نهار. وكذلك موقف الشاة في السوق، مربوطة، أو غير مربوطة، والدواب على مرابطها محرزة كان معها أصحابها، أم لا، فإن كانت الدابة بباب المسجد، أو في السوق لم تكن محرزة إلا أن يكون معها حافظ، ومن ربطها بفنائها، أو اتخذ موضعاً مربطاً لدوابه، فإنه حرز لها.

والسفينة حرز لما فيها من المتاع والمال، سواء كانت سائبة أم مربوطة، فإن سرقت السفينة نفسها فهي كالدابة، إن كانت سائبة فليست بمحرزة، وإن كان صاحبها ربطها في موضع وأرساها فيه، فربطها حرر، وهكذا، إن كان معها أحد حيثما كانت فهي محرزة، كالدابة التي بباب المسجد ومعها حافظ لها. إلا أن ينزلوا بالسفينة منزلاً في سفرهم فيربطوها فهو حرز لها كان معها صاحبها، ام لا. والساكنون معاً في دار واحدةن كالفنادق التي يسكن كل رجل بيته على حدة، أو عمارة الطلاب التي يسكن فيها كل طالب منهم في حجرة مستقلة، يقطع من سرق منهم من بيت صاحبه إذا ضبط وقد خرج بسرقته إلى قاعة الدار، وإن لم يدخل بها بيته، ولا خرج بها من الدار. أما من سرق منهم من قاعة الدر شيئاً قيمته نصاب فلا يقطع فيه، وإن أدخله بيته، أو أخرجه من باب الدار، لأن قاعتها مباحة للجميع للبيع والشراء، إلا أن تكون دابة في مربطها، أو دراجة مربوطة، أو ما يشبهها من المتاعن فإنه يقطع فيها في هذه الحال

تعريف السرقة وأركانها.

واركان السرقة ثلاثة، لا بد منها، سارق، ومسروق، وسرق، ولكل منهم شروط كما سبق. والسرقة: أخذ العاقل، البالغ نصاباً محرزاً، أو ما قيمته نصاب، ملكاً للغير، لا ملك له فيه ولا شبهة ملك على وجه الخفية، مستتراً من غير أن يؤتمن عليهن وكان السارق مختاراً غير مكره، سواء أكان مسلماً، أم ذمياً، أو مرتداً، ذكراً، أو أنثى، حراً، أو عبداً. إذا وجدت هذه الشروط وجب إقامة الحد، وهو قطع يد السارق اليمنى إن كانت سليمة، فاما إن كانت مقطوعة’ أو مشلولة، فإنه تقطع اليد اليسرى، وذلك فإجماع آراء علماء الأمة من غير خلاف منهم، وذلك لأن المال محبوب إلى النفوس، تميل إليه الطباع البشريةن خصوصاً عند الضرورة، والحاجة، ومن الناس من لا يردعهم عقل، ولا يمنعهم الحياء ولا تذجرهم الديانة، ولا تردهم المروءة والأمانة، فلولا الزواجر الشرعيةن من القطع والصلب ونحوهما، لبادروا إلى اخذ الأموال مكابرة من أصحابها على وجه المجاهرة أو خفية على وجه الاستمرار، وفيه من الفساد ما لا يخفى، فناسب شرع هذه الزواجر في حق المستمر والمكابر، في سرقتي الصغرى، والكبرى، حسماً لباب الفساد، وأصلاحاً لأحوال العباد. والعبد والحر في القطع سواء، لإطلاق النصوص، ولأن القطع لا يتنصف، فيكمل في العبد صيانة لموال الناس.

مقدار النصاب