پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص1873

والحمل على الوطء أولى، وقول الرسول صلى اللّه عليه وسلم (من نظر إلى فرج امرأة بشهوة، أو لمسها بشهوة حرمت عليه أمها وابنتها، وحرمت على ابنه وأبيه) وحرمة ماء الزنا كحرمة الماء الحلال سواء بسواء في النكاح. المالكية – قالوا: إن الزنا بالبنت لا يحرم أمها على الزاني، كما أن الزنا في الأم لا يحرم بنتها عليه، والبنت المخلوقة من ماء الزنان لا تحرم على من خلقت من مائه، ولا على أصوله وفرعه، سواء كانت أمها المزني بها مطاوعة، أم كرهاً، وسواء تحقق الرجل أنها من مائه، أم لا، فهي أجنبية عنه، ولا حرمة لماء الزنا، ولكن يكره للزاني أن يتزوجها من باب الاحتياط فقط، وتحري الحلال في النكاح، وإنجاب الذرية الصالحة. الحنابلة – قالوا: إن الوطء الحرام كالوطء الحلال كلاهما تثبت به حرمة المصاهرة، فمن زنى بامرأة حرمت على أبويه، وحرمت عليه أمها وبناتها، ولو وطئ أم امرأته حرمت عليه ابنتها، ووجب مفارقتا، وكذلك لو وطئ بنت زوجته حرمت عليه أمها (وهي زوجته) وقالوا: بحرمة نكاح الرجل ابنته من الزنا مثل الحنفية. روي أن رجلاً سأل النبي عن امرأة كان زنا بها في الجاهلية: أينكح الآن ابنتها؟ فقال: (لا أرى ذلك ولا يصلح لك أن تنكح امرأة تتطلع على ابنتها على ما اطلعت عليه منها) فقد حرم الرسول صلى اللّه عليه وسلم زواجها، وهذا نص في الباب

فالذكر من العبيد إذا زنى يجلد مائة جلدة، والأمة إذا ثبت عليها الزنا تجلد خمسين جلدة. واحتج الأئمة الأربعة على أن الأمة غير المتزوجة يقام عليها الحد بحديث أبي هريرة، وزيد بن خالد الجهني رضي الله تعالى عنهم (أن النبّي صلى اللّه عليه وسلم سئل عن الأمة زنت، ولم تحصن فقال: (إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها ثم بيعوها ولو يضفير – أي بحبل مضفور – قال أبن شهاب: لا أدري أبعد الثالثة، أو الرابعة، متفق عليه).

أحكام بنت الزنا

قال العلماء: البنت المتولدة من الزنا أجنبية عن الزانين فلا ترثه إن مات قبلها، ولا تنسب إليه، ولا يجب عليه الإنفاق عليها، ولا يجوز له أن يختلي بها، ولا يملك عليها ولاية التزوج، أي لا يكون ولياً عليها، ولا يصح له أن يرثها إن ماتت قبله وتركت مالاً، فهي في المحرمات والميراث أجنبية عنه، وفي حكم الزواج والمصاهرة، قريبة منه، لا يصح زواجها ولا مصاهرتها، ولا نكاح أصولها وفروعها، ولا يصح لها أن تتزوج منه ولا من أصوله وفرعه، وذلك هو القول الراجح، وساء تأكد إنا من مائه، أو شك في ذلك ما دام قد زنى بأمها، وجاء الحمل بها في أثناء الاتصال بالزنا، فترجح كفة أنها خلقت من ماء الزنا.

أضرار الزنا

لقد لخص العلماء أضرار الزنا بعد فهم الآيات والأحاديث الواردة في هذا الشأن بما يأتي:

أولاً: أن الزنا يذهب نور الإيمان من قلب الزاني (حين يزني)، ومات ولم يتب من ذنبه.

ثانياً: أن فاحشة الزنا اشد من القتل والسرقة وغيرهما، ولذلك أبيح قتل مرتكبها إن كان محصناً.

ثالثاً الزنا نذير الرعب والفزع – ولا يستجيب الله دعاء الزاني المدمن على الزنا.

رابعاً: تشتعل نار جهنم في وجهه يوم القيامة عقوبة له.

خامساً: يرمي الله الزاني في داخل فرن مشتعلة في وسط نار جهنم يصهر جسمه، ويحرق بدنه.

سادساً: رائحتهم في وسط نار جهنم تكون نتنة قذرة مثل المراحيض – حتى يتأذى منها أهل النار.

سابعاً: يمحو الله اسم الزاني من سجل الطاهرين الأبرار، ويطرد من حظيرة المؤمنين الخيار.

ثامناً: لا ينظر الله عز وجل يوم القيامة إلى الزناة نظرة رحمة ورضا، وإنما ينظر إليهم نظرة غضب.

تاسعاً: يحرم الله الجنة على الزاني الذي استحل الزنا ومرن عليهن واستمرأه ولم يتب منه، فلا يشم رائحة الجنة.