پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص1860

الحنفية – قالوا: إنه يلحقه إذا عقد عليها بحضرة الحكم، ثم طلقها عقب العقد، وأتت به لستة أشهر لا قل ولا أكثر منها، فإن الولد حينئذ يلحقه لحدوثه قبل الطلاق وبعد العقد.

من تزوج بامرأة وغاب عنها

الحنيفية – قالوا: لو تزوج رجل بامرأة، وغاب عنها سنتين، فأتاها خبر وفاته، فاعتدت منه، ثم تزوجت وأتت بأولاد من الزوج الثاني، ثم قدم الأول. وحجتهم في ذلك قول الرسول صلى اللّه عليه وسلم (الولد للفراش، وللعاهر الحجر) رواه الجماعة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه وفي لفظ للبخاري (الولد لصاحب الفراش) فقد صارت فراشاً له بالعقد، فأولده بنص الشارع، إذ الإحكام يرجع وضعها إليه ولو لم يقبلها بعض العقول.

وقد اختلف العلماء في معنى (الفراش).

الحنفية – قالوا: إن الفراش في الحديث الشريف اسم للزوج وأنشد أبن الأعرابي مستلا على هذا المعنى قول جرير: باتت تعانقه، وبات فراشها.

وقوله (وللعاهر الحجر) العاهر الزاني – يقال: عهر أي زنى – قيل، ويختص ذلك بالليل، ومعنى له الحجر، الخيبة، أي لاشيء له في الولد، وقيل: أن المراد بالحجر، أنه يرجم بالحجارة إذا زنى وكان محصناً.

روى الجماعة عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: (اختصم سعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن زمعة إلى رسول الله صلى اللّه عليه وسلم، فقال سعد: يا رسول الله أبن أخي عتبة بن أبي وقاس، عهد إلي أنه ابنه، اظهر إلى شبهه، وقال عبد الله بن زمعة: هذا أخي يا رسول الله ولج على فارش أبي فنظر رسول الله صلى اللّه عليه وسلم إلى شبهه، فرأى شبهاً بيناً بعتبة، فقال: هو لك يا عبد الله بن زمعة، الولد للفراش، وللعاهر الحجر، واحتجبي منه يا سودة بنت زمعة قال: لم ير سودة قط) رواه الجماعة، وسودة هي أم المؤمنين رضي الله عنها.

فالحنفية يثبتون النسب بمجرد العقد، وقالوا: إن مجرد المظنة كافية، بل قالوا: لو أن رجلاً تزوج امرأة بالمغرب وهو بالمشرق لستة اشهر كان الولد ملحقاً به، ورد بمنع حصولها بمجرد العقد، بل لابد من إمكان الوطء، ولا شك أن اعتبار مجرد العقد في ثبوت الفراش مجرد ظاهر، وذهب أبن تيمية إلى أنه لابد من معرفة الدخول المحقق: وكيف تأتي الشريعة بإلحاق نسب من لم يبن بامرأته، ولا دخل بها، ولا اجتمع بها، بمجرد إمكان ذلك؟

أجاب الأحناف على ذلك بأن معرفة الوطء المحقق متعسرة، فاعتبارها يؤدي إلى بطلان كثير من الأنساب وهو يحتاط فيها، واعتبار مجرد الإمكان يناسب ذلك الاحتياط.