الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص1851
وإذا لاعن الرجل وجب على المرأة اللعان بنص القرآن الكريم، فإذا امتنعت عن اللعان وعن الإقرار حبست حتى تلاعنه، أو تصدقه فلا حاجة إلى اللعان، ولا يجب عليها حد الزنا، لأن من شرطه أن يقر الزاني أربع مرات مثل الشهادة، ولأنها ما فقلت شيئا” سوى أنها تركت اللعان، وهذا الترك ليس ببينة على الزنا، ولا إقراراً منها به، فوجب ألا يجوز رجمها لقول الله صلى اللّه عليه وسلم: (لا يحل رجم امرئ إلا بإحدى ثلاث) الحديث. وإذا لم يجب الرجم إذا كانت محصنة لم يجب الجلد في غير المحصنة لأنه لا قائل بالفرق، ولأن النكول ليس بصريح في الإقرار فلم يجز إثبات الحد به كاللفظ المحتمل للزنا ولغيره.
من يصح لعانه
الشافعية والمالكية والحنابلة – قالوا: من صح يمينه صح لعانه، فيجري اللعان بين الحرين، والعبدين، والعادلين، والفاسقين، والذميين، والمحدودين، أو أحدهما رقيقاً، أو كان الزوج مسلماً والمرأة ذمية!.
وحجة الأئمة الثلاثة في ذلك قوله تعالى: والذين يرمون أزواجهم
فهو يتناول الكل، ولا معنى للتخصيص ولأن القياس طاهر من وجهين:
الأول: أن المقصود من اللعان دفع العار عن النفس ومدفع ولد الزنا عن النفس، وكما يحتاج غير المحدود – أي العدل – إليه، فيجوز له اللعان.
والثاني: أجمعنا على أنه يصح لعان الفاسق والأعمى وإن لم يكونا من أهل الشهادة فكذلك أقول في غيرهما، والجامع هو الحاجة إلى دفع عار الزنا.
(يتبع…)
(تابع… 1): -أم حق الزوج فإن الشارع لم يهمله في هذه الحالة بل جعل له حداً… …
الحنفية – قالوا: إذا لم يكن الزوج من أهل الشهادة بأن كان عبداً، أو محدوداً في قذف، أو كافراً، لا يصح لعانه، وكذلك الزوجة إذا كانت ممن لا يجب على قاذفها الحد إذا كان أجنبيا”، نحو أن تكون الزوجة مملوكة، أو ذمية، أو محدودة في قذف، أو صبية، أو مجنونة، أو زانية، فلا حد عليه ولا لعان لان المانع من جهتها، فصار كما إذا صدقته في قوله الذي رماها به.
وعلى الحاكم أن يعزر الزوج في هذه الحالة لأنه ألحق الشين بها، ولم يجب الحد عليه لذا العذر فوجب عليه التعذير حسما لهذا الباب، وحفظا للأعراض.
وإذا لم يكن الزوج من أهل الشهادة كما ذكرنا، ورمى زوجته بالزنا، فيجب أن يقام عليه حد القذف لآن اللعان امتنع من جهته فيرجع إلى الموجب الأصلي.
وان لم يكونا من أهل الشهادة، بأن كانا محدودين في قذف حد الزوج لأن اللعان امتنع من جهته.
واحتج الأحناف بما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أربع من النساء ليس بينهن وبين أزواجهن ملاعنة: اليهودية والنصرانية تحت المسلم، والحرة تحت المملوك، والمملوكة تحت الحر).
ولأن الواجب على الذي يقذف الزوجة أو الأجنبية الحد بقوله تعالى: والذين يرمون المحصنات
ثم نسخ ذلك الحكم عن الأزواج قائما مقام الحد في الأجنبيات لم يجب اللعان على من لا يجب عليه الحد لو قذفها أجنبي.