پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص1844

الشافعية، والحنابلة – قالوا: إذا تحاكم إلينا أهل الكتاب، وقبلوا أن نحكم بينهم في قضاياهم التي عرضوها علينا، وثبت الزنا على أحدهم يقام عليه الحد، ويرجم إن اكن محصناً، ويجلد البكر مائة جلدة، وينفى سنة كاملة بعيداً عن وطنه مسافة قصر، فقد روى نافع عن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما عن رَسُول اللَّه صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَم أنه رجم يهودياً، ويهودية بالمدينة المنورة – وقعا في الزنا – ثم احتكما اليه، وهذا معنى قول اللَّه تبارك وتعالى للنَبِيه صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَم وإذا حكمت فاحكم بينهم بالقسط

وقوله تعالى وإن احكم بينهم بما أنزل اللَّه

فلا يجوز أن يحكم بينهم في شيء من أمور الدنيا إلا بحكم المسلمين، لأن حكم اللَّه واحد بين عباده جميعاً لا يتغير.

عدم العلم بحرمة الزنا

الحنفية، والشافعية، والحنابلة – قالوا:

يشترط في إقامة حد الزنا أن يكون الزاني عالماً بحرمة الزنا، فلو قَالَ الشهود عليه بالزنا، وقت إقامة الحد عليه: إنه لا يعلم بتحريم الزنا، ولا علم له بحكمه، وحلف اليمين على ذلك، قبل قوله، لا يقام عليه الحد، لوجود شبهة تدرأ الحد عنه، لما روي أن النَبِي صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَم سأل الذي أقر عنده بالزنا، بقوله (فهل تدري ما الزنا؟).

المالكية – قالوا: من قَالَ حين أقيم عليه الحد: لا أعلم تحريم الزنا شرعاً ولا دراية لي بحكمه وكان قريب العهد بالإسلام، أو نشأ في بادية بعيدة عن العلماء، لا يقام الحد عليه، لاحتمال صدقه في ذلك القول، وهو شبهة تدرأ الحد عنه.

وإن لم يكن كذلك، بأن كان قد مضى عليه زمن في الإسلام، يمكنه من التعليم والمعرفة أو نشأ ببادية قريبة من أهل العلم، واختلط بأهل الحضر المسلمين وسمع منهم عليه الحد حينئذ، ولا يقبل عذره بالجهل لظهور كذبه فيما ادعاه بعد إقراره بالزنا أمام المحاكم، أو بعد ثبوت الزنا عليه بشهادة الشهود.

وطء الأجنبية فيما دون الفرج

اتفق الأئمة على أن من وطئ امرأة أجنبية فيما دون الفرج بأن أولج ذكره في مغابن بطنها، ونحوه، بعيداً عن القبل، والدبر، لا يقام عليه الحد، ولكنه يعزر، لأنه أتى فعلاً منكراً يحرمه الشرع، وقد حكم الإمام علي كرم اللَّه وجهه على من وجد مع امرأة أجنبية مختلياً بها، ولم يقع عليها، بأن يضرب مائة جلدة تعزيراً له، لأنه من الأسباب التي توقع في الزنا ومن زنا بامرأة ميتة لا يقام عليه الحد، وإنما يعزر حسب ما يراه الإمام رادعاً له لأن النفوس البشرية تنفر منه لبشاعته، وهي لذة ناقصة فلا يقام عليه الحد.

إفساد المرأة على زوجها

إن الدين الإسلامي يحرم السعي بالفساد بين الزوجين، ويعتبره من أكبر الكبائر عند اللَّه وقد اختلف الفقهاء في حكم من أفسد امرأة على زوجها حتى طلقها.