الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص1825
الحنفية والمالكية والحنابلة، وفي رأي عند الشافعية – قالوا: إذا شهد أربعة على شهادة أربعة رجل بالزنا لم يحد لما فيها من زيادة شبهة لتحققها في موضعين، تحميل الأصول، وفي نقل الفروع، وإن كان الشرع اعتبر الشهادة على الشهادة، وألزم القضاء بموجبها في المال لكنها ضعيفة، ولا يلزم من اعتبارها في الجملة، اعتبارها في كل موضع كشهادة النساء، فإنها معتبرة صحيحة في ذلك وليست معتبرة في الحدود ولزيادة شبهة فيها، فالشهادة مع زيادة مثل تلك الشبهة معتبرة إلا في الحدود، وسببه أن يحتاط في درئها، فكان الاحتياط رد ما كان كذلك ولأنها بدل، واعتبار البدل في موضع يحتاط في إثباته، لا فيما يحتاط في إبطاله.
الشافعية، وفي رأي آخر – قالوا: إن الشهادة على الشهادة تقبل ويقام الحد بها، إذا تكاملت شروطها.
مبحث رجوع أحد الشهود بعد الشهادة
الحنفية – قالوا: إذا رجع واحد من الشهود بعد القضاء، وقبل إقامة الحد حدوا جميعاً حد القذف، لن الامضاء من القضاء، فكان رجوعه قبل الإمضاء كرجوعه قبل القضاء، وتظهر ثمرة كون الإمضاء من الإمضاء من القضاء، فيما إذا اعترضت أسباب الجرح في الشهود، أو سقوط إحصان المقذوف، أو عزل القاضي يمتنع استيفاء حد القذف وغيره.
ولو رجع واحد من الشهود في شهادته قبل القضاء حدوا جميعاً، لأن كلامهم قذف في الأصل، وإنما يصير شهادة باتصال القضاء به، ولم يتصل به لأن رجوعهم منع من ذلك فبقي قذفاً، فيحدون حد القذف.
أما إذا امتنع الرابع عن أداء الشهادة فإنه يحد الثلاثة ولا يحد الرابع، ولا يكون الحد بسبب سكوت الرابع بل يقول الثلاثة انه زنى ولا ننظر إلى سكوت الرابع، فكل واحد يؤاخذ بذنبه لا بذنب غيره، لأنهم قذفة.
إذا كان الشهود خمسة
الحنفية والمالكية والحنابلة – قالوا: إذا كان عدد الشهود خمسة فرجع أحدهم بعد رجم الزاني المشهود عليه لا شيء عليه من الحد والغرامة، لأنه بقي بعد رجوعه من يبقى بشهادته كل الحق، وهو شهادة الأربعة.
الشافعية – قالوا: عليه الغرامة، أي خمس الدية.
رجوع اثنين من الشهود
الحنفية والمالكية والحنابلة – قالوا: إذا كان الشهود في حد الزنا خمسة ورجم المشهود عليه ثم رجع اثنان من الشهود حد كل منهما حد القذف وغرما ربع الدية لورثة المرجوم، أما الرجم فلأن الشهادة تنقلب قذفاً للحال، لعدم بقاء تمام الحجة من رجوع الثاني، وأما الغرامة فلأنه بقي من يبقى بشهادته ثلاثة أرباع الحق، والمعتبر في قدر لزوم الغرامة، بقاء من بقي لا رجوع من رجع.
الشاقعية – قالوا: إن قَالَ الشهادان اللذان رجعا في شهادتهما أخطأنا، وجب عليهما قسطهما من الدية، وفيه وجهان، في وجه خمساها وفي وجه آخر ربعها، كما قَالَ الأئمة الثلاثة.
أما إذا قالا: تعمدنا الكذب والشهادة فإنهما يبطلان بالرجوع، حداً.
رجوع المزكين للشهود