الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص1806
أما الرجل فإن كان غناؤه لدفع الوحشة عن نفسه، أو كان لحماس الجند أو الحث على العمل والجهاد فهو جائز، أما إذا كان الغناء مشتملاً على ذكر الحب والغرام، ويخشى أن تفتتن به امرأة أجنبية تسمعخ فيكون في هذه الحالة حراماً، كما هو حاصل في الإذاعة والسينمات ودور الملاهي والتمثيل. وكذلك غناؤه في حادث سرور مباح إذا كان بغير آلة ولم تكن فيه عبارات مهيجة ولم تحصل منه فتنة، وكان الاجتماع غير محذور لا تختلط فيه النساء مع الرجال وكان الغناء على غير آلة لهو، ولم يكن سبباً لمحرم، أما إذا لم يستوف هذه الشروط فغناؤه حرام، كما هو الحال في الأغاني التي يذيعها المطربون والمغنون.
المالكية – قالوا: الغناء حرام على النساء وسماعه حرام. إلا إذا كانت الأغاني من الرجال بعبارات حماسية يف لاحرب أو تسلية للإبل على السير في الصحراء ولم تصحبه آلة لهو وطرب.
وقد سئل الإمام مالك – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – عما ترخص فيه أهل المدينة من الغناء، فقال: إن ما يفعله عندنا الفساق، فقد روي عن ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّه صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَم: (الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل). وعن يزيد بن الوليد أنه قَالَ: يا بني أمية إياكم والغناء فإنه ينقص الحياء، ويزيد في الشهوة، ويهدم المروءة، وإنه لينوب عن لاخمر ويفعل ما يفعله السكر.
الشافعية – قالوا: إن الغناء الماجن مع آلات الطرب واللهو حرام على النساء والرجال، وسماعه حرام، فقد نقل عن الإمام الشافعي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: الغناء لهو مكروه يشبه الباطل، من استكثر منه فهو سفيه وترد شهادته.
الحنابلة – قالوا: الغناء حرام سواء أكان من النساء أم من الرجال إذا كان القول يثير الشهوة، لمن استمع إليه، أو أدى إلى اختلاط الرجال بالنساء، أو خروج عن حشمة ووقار.
والاستماع يأخذ حكمه، فإن الشخص إذا سمع وصف الخمر والصدر والخد والشدي وذكر وتحتد وباعث الشر، وتستيقظ دوافع الفتنة، وتنبه الآعضاء إلى لذة الفاحشة، وذلك نصر لحزب الشيطان، وتخذيل للعقل المانع منه، الذي هو حزب الرحمن، فهو يؤدي إلى حرام وما أدى إلى حرام فخو حرام، كالنظر إلى الأجنبية بشهوة أو لمسها أو الخلوة بها.
الزنا معطل للنسل الصالح
إن الإسلام بتشريعه حد الزنا، وعنايته التامة بإقامته واهتمامه الزائد بتنفيذ أمام طائفة من عباد اللَّه المؤمنين، ونزول الآبات الكثيرة بشأنه والنهي عن اقتراف مقدماته وأسبابه والاقتراب منه، وتحريم الأشياء المقربة منه، كالاختلاط والغناء والرقص وخلافه، واعتباره من أعظم الفواحش ومن أكبر الذنوب ومقارنته بالشرك باللَّه تعالى وقتل الأنفس، ووصفه في القرآن الكريم بأنه يكون سبباً في مضاعفة العذاب يوم القيامة والخلود في نار جهنم، وأنه يسبب المقت والمهانة، ويجلب على صاحبه العار والفضحية ويجرفه إلى أسوأ السبيل، وقول النَبِي صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَم (بأنه يخلع الإيمان من قلب الزاني والزانية كما يخلع الرجل قميصه من عنقه)، وتشريع ضرب الزاني المحصن بالحجارة حتى يموت، هو أشنع عقاب وأشد عذاب في التشريع.