پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص1778

وحجتهم في ذلك ما روي عن عائشة رضي اللَّه تعالى عنها قالت: (كنا ننبذ لرَسُول اللَّهِ صَلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ في سقاء يوكى (يوكى: أي يشد بالوكاء، وهو الرباط). وله عزلاء (وله عزلاء: بفتح العين المهملة وإسكان الراء: وهو الثقب الذي يكون في أسفل المزادة والقربى). ننبذه غدوة فيشربه عشياً، وننبذه عشياً فيشربه غدوة) رواه الإمام أحمد ومسلم، وأبو داود، والإمام الترمذي رحمهم اللَّه تعالى.

وما روي عن ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما أنه قَالَ: (كان رَسُول اللَّهِ صَلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ ينبذ له أول الليل، فيشربه إذا أصبح يومه ذلك، والليلة التي تجيء، والغد، والليلة الأخرى، والغد إلى العصر، فإذا بقي شيء سقاه الخدم، أو أمر فصب) رواه الإمام أحمد، ومسلم رحمهم اللَّه تعالى.

وفي رواية (كان ينقع له الزبيب فيشربه اليوم والغد، وبعد الغد إلى مساء الثالثة، ثم يأمر به فسقى الخادم، أو يهراق) رواه الإمام أحمد، ومسلم، وأبو داود، ومعنى (فيسقى الخادم) محمول على أن النبيذ لم يكن في هذه الحالة قد بلغ إلى حد السكر، لأن الخادم لا يجوز أن يسقى الشراب الذي يسكره، كما لا يجوز له شربه، بل يجب إراقته، بعد عصر اليوم الثالث لأنه يتغير ويصير مسكراً، فيحرم شربه، ويكون نجساً فيراق. وأخرج ابن أبي شيبة، والنسائي من طريق سعيد بن المسيب والشعبين والنخعي، (اشربوا العصير ما لم يغلي). وعن الحسن البصري رضي اللَّه تعالى عنه (اشربوا العصير ما لم يتغير) وهذا قول كثير من السلف: إن العصير يشرب مالم بيدو فيه التغير قبل مضي ثلاثة أيام، أما إذا ظهر فيه التغير فيحرم شربه، وعلامة ذلك أن يأخذ في الغليان، وهذا يختلف باختلاف نوع العصير، واختلاف الجو الذي يكون فيه، فإذا كان في منطقة حارة فإنه يتسرب إليه الفساد سريعاً، أما إذا كان في وقت الشتاء أو في منطقة باردة فإن الفساد لا يسرع إليه، فجواز شربه مقيد بعدم البدء بالغليان – أما إذا بدأ فيه الغليان فإنه يحرم.

الحنابلة – قالوا: إذا مضى على العصير ثلاثة أيام، يصير خمراً، ويحرم شربه ويجب إراقته، وإن لم يغل، ويشتد، ويقذف بالزبد. وذلك لنها إنما سميت خمراً لأنها تركت حتى اختمرت، أي تغير ريحها ولما روي عن ابي هُرَيْرَة رضي اللَّه تعالى عنه أنه قَالَ: (علمت أن رَسُول اللَّهِ صَلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ كان يصوم، فتحينت فطره بنبيذ صنعته في دباء، ثم أتيته به، فإذا هو ينش، فقال: أضرب بهذا الحائط، فإن هذا الشراب من لا يؤمن باللَّه واليوم الأخر) رواه أبو داود، والنسائي رحمهما اللَّه تعالى.