پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج5-ص1769

والخبيث لا يدعوا إلا إلى خبيث.

وقد روى ابن ماجة عن ابي هُرَيْرَة رضي اللَّه عنه أن رَسُول اللَّهِ صَلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ قَالَ: (مدمن الخمر كعابد وثن). وقال صَلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ: (من شرب الخمر خرج نور الإيمان من جوفه). وجعلها اللَّه تعالى وأخواتها من عمل الشيطان لما ينشأ عنها من الشرور والأضرار، وما يترتب عليها من الكبائر والمصائب، وكل ما أضيف إلى الشيطان فالمراد به المبالغة في كمال قبحه قَالَ تعالى: فوكزه موسى فقضى عليه قَالَ هذا من عمل الشيطان

بل وصف الرَسُول اللَّهِ صَلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ الخمر بأنها أم الخبائث، فقال صَلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ: (الخمر أم الخبائث).

وروى الطبراني في الكبير من حديث بن عمر رضي اللَّه عنهما (الخمر أم الخبائث، وأكبر الكبائر، ومن شرب الخمر ترك الصلاة، ووقع على أمه، وعمته).

وقد جعل اللَّه تعالى النهي عنها بلفظ الإجتناب فقال فاجتنبوه

أي كونوا جانباً منه وهو أبلغ من لفظ التحريم والترك لأنه يفيد الأمر بأن يكون التارك في جانب بعيد عن الشيء، لخطورته وفظاعته، أي ابتعدوا عنه، وخذوا حذركم منه فليعتبر أولئك الفسقة الذين يقولون: إنما الخمر لم ينزل فيها نهي في القرآن، أي لم يصرح القرآن بأنها حرام، والحق أنه نهى عنها بأبلغ عبارة التحريم، ثم جعل اللَّه تعالى اجتنابها والبعد عنها يوصل للفلاح، ويقرب إلى الفوز والسعادة الدنيوية والآخروية، فقال تعالى لعلكم تفلحون

وفيه إشارة أن شربها يقرب من الخسران والخيبة، وفساد الدين والدنيا معاً، وضياع الصحة والعقل والمال.

ولما أمر اللَّه تعالى باجتناب هذه الموبقات الأربع ذكر نوعين من أكبر المفاسد الخطرة في الخمر والميسر، الأول: ما يتعلق بالدنيا وهو قوله تعالى: إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر