پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج4-ص1707

ومن هذا تعلم أن الحيض الذي تراه الصغيرة جداً والحامل لا يسمى حيضاً، وإنما يسمى استحاضة ومثله الحيض الذي لا يستمر ثلاثة أيام بلياليها، والحيض الذي يأتي قبل أن تنتهي مدة الطهر، وكذلك الدم الذي ينزل بسبب الولادة، فإنه ليس بحيض، وإنما هو دم نفاس، وأما الدم الذي ينزل بسبب افتضاض البكر، فهو غير خارج من رحم الولادة، كما لا يخفى.

وأما الجواب عن السؤال الثاني: فهو أن الحنفية يقولون: إن المرأة إذا حاضت مرة واحدة أقل الحيض، وهو ثلاثة أيام وثلاث ليال، فإنها تكون من ذوات الحيض، فإذا انقطع عنها الحيض بسبب رضاع، أو بسبب آخر، فإن عدتها لا تنقضي حتى تبلغ سن اليأس المتقدم ذكره، وقولهم: إذا حاضت ثلاثة أيام خرج به ما إذا بلغت بغير حيض، أو رأت الحيض يوماً واحداً أو يومين، ثم انقطع عنها، ومكثت سنة لم تحض ولم تلد وطلقها زوجها، فإنها تعتد بثلاثة أشهر وإذا بلغ سنها ثلاثين سنة حكم بإياسها من المحيض.

وأما الجواب عن السؤال الثالث: فهو كالجواب عن السؤال الثاني، فإنها ما دامت من ذوات الحيض وهي التي حاضت مرة ولو أقل الحيض، فإنها لا تعتد إلا بالحيض، فإن لم تحض ثلاث مرات لا تنقضي عدتها حتى تبلغ سن اليأس، وقد عرفت أن لها أن تعالج نفسها بدواء ونحوه لإنزال الحيض، ولو في غير وقته، فإن نزل انقضت عدتها.

واعلم أن الحنفية اختلفوا في جواز تقليد المالكية في هذه المسألة، فقال بعضهم: إنه يجوز الإفتاء بمذهب المالكية، بحيث تنقضي عدة المرأة التي تحيض، ثم يمتد طهرها بعد انقضاء سنة بيضاء لا ترى فيها حيضاً وبعضهم يقول: لا يجوز للمفتي أن يفتي بهذا، وإنما يجوز له أن يقلده لخاصة نفسه، نعم إذا قضى به قاض مالكي فإنه يصح للحنفي تنفيذه بدون كلام، والذي أظنه معقولاً هو الرأي الأول، لأني لم أفهم معنى لقولهم: يجوز للمفتي أن يعمل بهذا الرأي ولا يجوز له أن يفتي به، لأنه لا يخلو إما أن يكون ضعيفاً فليس من الدين في شيء أن يعمل المفتي بالضعيف أو الفاسد ويكون ذلك جائزاً بالنسبة له وممتنعاً بالنسبة لغيره، وإما أن يكون قوياً وحينئذ لا معنى لانفراد المفتي به دون غيره، والظاهر المناسب جواز الافتاء به.