الفقه علی المذاهب الاربعة-ج4-ص1704
(1) (المالكية – قالوا: أما الجواب عن السؤال الأول، فهو أنه قد اختلف في معنى القرء، فالمشهور أن معناه الطهر من الحيض، فإذا طلقها في أخر لحظة من طهرها، ثم حاضت بعد فراغه من لفظ الطلاق بلحظة حسب لها هذا طهراً، فإذا حاضت مرة أخرى وطهرت، حسب لها طهراً ثانياً، فإذا حاضت وطهرت، حسب لها طهراً ثالثاً، وتنقضي عدتها بنهاية الطهر الثالث بالدخول في الحيضة الرابعة، وقال بعضهم: بل معنى الطهر الحيض، كما يقول الحنفية، والحنابلة، وأن الذي يتتبع مذهب المالكية يجدهم لا يطلقون القرء إلا على الحيض، ولذا رجح أن القرء هو الحيض لا الطهر، وقد أيد بعضهم القول الأول بأن إطلاق القرء على الحيض مجاز، وعلى الطهر حقيقة، ومتى أمكن العمل بالحقيقة فإنه لا يصح العمل بالمجاز، وهذا التأييد غير سديد، لأن التحقيق أن القرء مشترك بين الحيض والطهر، فهو مستعمل فيهما على السواء وليس استعماله في أحد المعنيين أولى في اللغة وإذا كان كذلك فالذي تحصل به براءة الرحم حقيقة إنما هو الحيض لا الطهر، هذا ما قرره بعض محققي المالكية، ولم يرده أحد، فالطاهر أنه يرجحون إطلاق القرء على الحيض، ولكن لم يذكروا ما إذا طلقها أثناء الحيض، فهل تحسب لها الحيضة الناقصة. أو لا؟ وقواعد مذهبهم تقتضي أنها تحسب كما حسب الطهر، أما الحيض المعتبر في العدة، فهو دم خرج تنفسه لا بسبب ولادة، ولا افتضاض بكارة، ولا غير ذلك، من قبل امرأة تحمل عادة، ولا تنقضي به العدة إلا بشروط.
أحدها: أن يستمر يوماً أو بعض يوم على الأقل، أما إذا نزل مدة يسيرة، كاللحظة، فإنه لا يعتبر حيضاً يترتب عليه الطهر الذي تنقضي به العدة، وإن كان يعتبر حيضاً في باب العبادة، فلا يحل لها أن تصلي إلا إذا اغتسلت منه، وإن كانت صائمة يفسد صيامها، على أن الحيض في باب العدة إذا انقطع لأقل من يومين، فإنه تسأل عنه الخبيرات من النساء، فإذا قالت واحدة ظاهرة العدالة، إنه حيض فذاك، وإلا فلا، وسيأتي،
ثانيها: أن لا تكون صغيرة دون تسع سنين، فإن رأت الدم وهي في هذا السن، فإنها لا تكون حائضاً، ومثلها ما إذا بلغت سن الإياس من الحيض، وهو سبعون سنة، وتسأل النساء عن حيض بنت تسع إلى ثلاثة عشر، فإن قلن: إنه حيض فذاك، وإن شككن فيه، أو جزء منه بأنه ليس حيضاً فإنه يعمل برأيهن، وكذا عن حيض بنت الخمسين إلى السبعين، فإنه تسأل فيه النساء كذلك.
ثالثها: أن يكون أحمر، أو أصفر، أو أكدر، والكدرة لون بين السواد، والبياض، وهذا هو المشهور، وقيل: إن لم يكن أحمر فلا يكون حيضاً.
رابعها: أن لا يخرج بعلاج، فإذا عالجت نفسها بدواء لتستعجل الحيض قبل وقته المعتاد فرأت الدم، فإنه لا تنقضي به العدة، وإذا كان كذلك فلا يكون حيضاً يمنع الصلاة والصيام، والاحتياط أن يقضى الصيام، لجواز أن يكون حيضاً، وإذا عالجت نفسها بدواء لتقطع الحيض فانقطع، فإنه يحكم لها بالطهر، وأكثر الحيض لمن لم تر الحيض، ويقال لها: مبتدأة، خمسة عشر يوماً، ولمن لها عادة تحسب لها عادتها، فإن لم ينقطع انتظرت ثلاثة أيام وهكذا في كل مرة تزيد ثلاثة أيام حتى تصل إلى خمسة عشر يوماً ولا تنتظر بعدها، ومحل كونها تستطهر بثلاثة أيام ما لم تكن عادتها خمسة عشر يوماً، فإن كانت فإنها لا تكون حائضاً بعدها، ولو نزل الدم، وأقل الطهر خمسة عشر يوماً، ثم إن المالكية يقولون: إن الحامل قد تحيض.