پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج4-ص1697

فأنت ترى من عبارته هذه أنه لا يوافق بعض الفقهاء الذين يقولون: إن العدة شرعت لبراءة الرحم في ذوات الحيض، وما زاد على حيضة واحدة فهو للاحتياط، أما غير ذوات الحيض فالعدة فيهن أمر تعبدي، وأنه يرى ما قررناه من أن الأحكام الشرعية المتعلقة بالحقوق لا بد فيها من مراعاة الحكم الموافقة لمصلحة الناس، على أن ظاهر عبارته تفيد أن الحكمة لا بد منها حتى في العبادات وقد عرفت أنه ليس بضروري، لأن العبادات هي أمارات الخضوع، فلا يسأل السلطان عن حكمتها. وإذا كان كذلك فأين رعاية حق الزوج المتوفى إذا وضعت الحمل بعد موته بيوم، ثم تزوجت بغيره. وما حكمة مدة أربعة أشهر وعشرة أيام التي ضربها اللّه للمتوفى عنها زوجها إذا لم يكن ذلك لمراعاة حق الزوج المتوفى وحق أهله؟!، ولماذا لم يجعل اللّه عدة المتوفى عنها زوجها كغيرها، فإن كانت حاملاً كانت عدتها وضع الحمل، وإذا كانت من ذوات الحيض كانت عدتها ثلاث حيض. أو ثلاثة أطهار، وإذا كانت آيسة لم تكن لها عدة، كما إذا كانت غير مدخول بها، لأن براءة رحمها محققة؟ لا شك أن هذا واضح، وأن القائلين بتعليل العدة لا يسعهم إلا اتباع علي، وابن عباس، أما الأئمة الأربعة الذين قالوا: إن عدة الحامل تنقضي بمجرد انفصال الجنين منها، ولها أن تتزوج ولو لم يدفن زوجها المتوفى، فإنهم قالوا: إن قوله تعالى: وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن

نسخ عموم قوله تعالى: والذين يتوفون منكم

الخ، وأن العدة إما لبراءة الرحم. وإما أمر تعبدي تعبدنا اللّه به من غير حكمة، فلا يرد عليهم ما ورد على صاحب اعلام الموقعين.

3 انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها وهي حامل

-قد عرفت مما تقدم أن عدة المتوفى عنها زوجها وهي حامل تنقضي بوضع الحمل، ولو بعد وفاته بلحظة باتفاق المذاهب، وعرفت شروط انقضاء العدة بوضع الحمل، وعرفت رأي المخالفين في بعض الصور، ودليل كل، والآن نذكر لك في عدة المتوفى عنها زوجها، وهي حائل، أي غير حامل، وهي أربعة أشهر وعشر للحرة، ونصفها، وهي شهران وخمسة أيام للأمة، لا فرق في ذلك بين أن تكون الزوجة صغيرة أو كبيرة، مدخولاً بها. أو لا، آيسة من المحيض. أو من ذوات الحيض، ولانقضاء العدة المذكورة شروط مفصلة في المذاهب (1).

————————–

(1) (الحنفية – قالوا: يشترط لانقضاء العدة بمضي أربعة أشهر وعشر من وقت وفاة الزوج شروط:

أحدها: أن الوفاة إذا وقعت في غرة الشهر، أي وقت شروق هلاله فلا بد من انقضاء أربعة شهور هلالية وعشرة أيام بلياليها، فلو مات بعد الفجر يحسب اليوم الذي مات فيه وتسعة أيام بعده، فيكون عشرة أيام وتسع ليال، فلا بد حينئذ من انقضاء الليلة العاشرة على المعتمد أما إذا توفي في أثناء الشهر فتحسب العدة بالأيام، فلا تنقضي إلا بمرور مائة وثلاثين يوماً بلياليها وقيل: إذا توفي في أثناء الشهر يحسب لها ما بقي من الشهر الذي مات فيه بالأيام، أما الشهر الذي يليه فيحسب بالأهلة، وكذا ما بعده، ثم تكمل الأيام الناقصة من الشهر الخامس مضافة إلى العشرة أيام، وقد تقدم لذلك إيضاح في مباحث الإيلاء، ومبحث العنين.

ثانيها: أن يكون الزواج بصحيح العقد، فإذا عقد عليها عقداً فاسداً ووطئها ثم مات عنها، تعتد بثلاث حيض إن كانت من ذوات الحيض وإن كانت آيسة أو حاملاً فإن عدتها تنقضي بثلاثة أشهر أو وضع الحمل، فعدة الموطوءة بعقد فاسد أو بشبهة إن كانت حرة ثلاث حيض أو ثلاثة أشهر إن كانت آيسة أو وضع الحمل، سواء كانت مطلقة أو متوفى عنها زوجها فإن كانت أمة فعدتها حيضتان. أو شهر ونصف، أو وضع الحمل.