الفقه علی المذاهب الاربعة-ج4-ص1564
وكذا إذا قال لها: اختاري في أن تطلقي نفسك أو تقيمي، فقالت: اخترت ثلاثاً، وادعى أنه أراد واحدة، حلف على ذلك، فإن حلف لزمته واحدة، وإلا لزمه ما أوقعته، وذلك لأن ضد الإقامة معه مفارقته بالبينونة، فلما قال: أو تقيمي احتمل كلامه أنه لم يرد حقيقة الطلقة التي صرح بها فيحلف على ذلك، أما إذا قال لها: اختاري في أن تطلقي نفسك، ولم يقل: أو تقيمي فأوقعت ثلاثاً وادعى أنه أراد واحدة، كان القول له بدون يمينه، وكذا إذا قال لها: اختاري في طلقة، فاختارت ثلاثاً فإنه لا يلزمه إلا واحدة بدون يمين، ومن باب أولى إذا قال لها: اختاري طلقة، فإنه لا يلزمه إلا واحدة ويبطل الزائد، أما إذا قال لها: اختاري تطليقتين فاختارت واحدة، فإنه يبطل ما قضت به، فلا تلزمه الواحدة لأنه خيرها في ثنتين، ولكن لا يبطل خيارها، فلها أن تختار بعد ذلك ثنتين أو تختار زوجها، وهذا بخلاف التمليك، فإنه إذا قال لها: ملكتك طلقتين أو ثلاثاً فقضت بواحدة لزمته واحدة، وإذا قال لها: اختاري من تطليقتين فاختارت أكثر فلا يلزمه إلا واحدة، ومنها أنه إذا خيرها تخييراً مطلقاً فاختارت واحدة بطل تخييرها إن كانت مدخولاً بها، كما تقدم قريباً، وهذا هو المشهور، وبعضهم يقول: إنه لا يبطل تخييرها ومثل ذلك ما إذا ملكها بشرط العدد، كأن قال لها: طلقي نفسك ثلاثاً فطلقت نفسها واحدة أو ثنتين، فإن فيه خلافاً، فقيل: يبطل تمليكها، وقيل: لا يبطل تمليكها وإنما يبطل ما أوقعته، ولها أن تطلق نفسها ثلاثاً وهذا هو الراجح عكس الأول. الشافعية – قالوا: للرجل أن يفوض الطلاق لزوجته: ومعناه تمليكها الطلاق، كقوله لها: طلقي نفسك، ويشترط لإيقاعها الطلاق بالتفويض شرطان: أحدهما: أن يكون الطلاق منجزاً، فإذا كان معلقاً، كما إذا قال لها: إن جاء رمضان فطلقي نفسك، فإنه لا يصح ولا تملك الطلاق بذلك، ولا فرق بين أن يملكها الطلاق بلفظ صريح أو كناية، الأول كما مثلنا، الثاني كأن يقول لها: أبيني نفسك إن شئت، بشرط أن ينوي بذلك التفويض وتنوي الزوجة الطلاق، لأنه كناية ولا يقع بها شيء إلا مع النية، ومن ذلك ما إذا قال لها: اختاري نفسك، فإنه يصح أن يكون كناية عن اختيارها الطلاق، فكأنه قال لها: اختاري طلاق نفسك.
ثانيها: أن تطلق نفسها فوراً، فلو أخرته بقدر ما ينقطع به القبول عن الإيجاب، لا يقع الطلاق، وقال بعضهم: لا يضر الفصل بكلام يسير، فلو قال لها: طلقي نفسك، فقالت له: كيف أطلق نفسي؟ فقال لها: قولي: طلقت نفسي فقالت: ولا يضر ذلك الفصل على المعتمد، ومحل اشتراط الفورية إذا لم يقل: طلقي نفسك متى شئت، فإذا قال لها ذلك كان لها الحق في تطلق نفسها في أي وقت.
والتفويض للمرأة كالتوكيل، فيجوز له الرجوع عنه قبل تطليق نفسها، وإذا قال لها: طلقي نفسك بألف، فطلقت بانت منه بالألف، وإن قال لها: طلقي نفسك ونوى عدداً، ونوت هي أقل منه أو أكثر منه وقع ما اتفقا عليه من ذلك العدد، فإن قال لها: طلقي نفسك ونوى بها ثلاثاً فقالت: طلقت نفسي، ونوت ثنتين وقع الثنتان، وذلك لأن كلاً منهما نوي الثنتين، فإن الذي نوى ثلاثاً نوي الثنتين ضمناً. وإن قال لها: طلقي نفسك ونوى واحدة، ونوت ثنتين وقعت واحدة، لأنها هي التي اتفق على نيتها، وإن لم ينويا شيئاً، أو لم ينو أحدهما شيئاً وقعت طلقة واحدة.
وإن قال لها: طلقي نفسك ثلاثاً فطلقت نفسها واحدة وقعت الواحدة، ولها الحق في أن تطلق نفسها الثانية والثالثة على الفور ولو راجعها، وإذا قال لها طلقي نفسك واحدة فطلقت ثلاثاً وقعت واحدة، وألغي الاثنتان، وإن قال لها: طلقي نفسك ثلاثاً، فقالت: طلقت ولم تذكر عدداً ولا نوته وقع الثلاث.
وله أيضاً أن ينيب عنه غيره في تطليق زوجته، كما تقدم في مباحث الوكالة، جزء ثالث وله أيضاً أن يوكله في الخلع، ولو قدر لو كيله مالاً فخالعها على أقل منه لم تطلق، كما لو خالعها على غير الجنس الذي بينه له، وإن أطلق له التوكيل فخالعها على أقل من مهر المثل، فإنها تطلق بمهر المثل. وكذا للزوجة أن توكل عنها في الخلع، فإذا قدرت لموكلها مالاً وزاد عليه، وأضاف الخلع إليها كأن قال لها: خالعها من مالها وبوكالتها بانت بمهر المثل تدفعه هي:
أما إذا لم يصف الزيادة إليها لزمته هو لجواز أن يكون زادها من نفسه، وصح توكيل كافر ولو في خلع مسلمة، وصح للزوج أن يوكل المحجور عليه لسفه، ولو لم يأذنه وليه، بخلاف الزوجة.
(يتبع…)
(تابع… 3): – قد عرفت أن الرجل هو الذي يملك الطلاق دون المرأة. وذلك لأمرين:… …