پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج4-ص1560

وكذا يصح تقييد التمليك أو التخيير بزمن، كأن بقول لها: خيرتك إلى سنة، أو خيرتك في البقاء معي أو مفارقتي إلى سنة، أو إلى أي زمن يبلغه عمرهما ظاهراً، فإن التخيير يصح، ولكن بمجرد علم الحاكم بتخييرها أو تمليكها على هذا الوجه يجب عليه أن يطلب منها الجواب بدون مهلة، فعليها أن تطلق نفسها حالاً أو ترد ما بيدها من التمليك، أو التخيير، فإن قضت فذاك وإلا أسقط الحاكم تخييرها أو تمليكها، حتى ولو رضي الزوج بالإمهال، وذلك لأن فيه حقاً للّه تعالى، وهو حرمة التمادي على الاستمتاع بالمرأة المشكوك في بقاء عصمتها.

ومن الأحكام المشتركة بين التمليك والتخيير أنه يعمل فيهما بجواب المرأة، فإذا طلقت نفسها طلاقاً صريحاً أو كناية ظاهرة عمل بمقتضاهما، ومثال الصريح أن تقول: طلقت نفسي منك، أو أنا طالق منك، أو أنت طالق مني، ومثال الكناية الظاهرة أن تقول: أنا منك بتة، أو بائن، أو حرام، ويلحق بهما قولها: اخترت نفسي، أما إذا أجابت بالكناية الخفية فإنه يسقط ما بيدها، ولا يقبل منها أنها أرادت بذلك الطلاق، فإذا قالت: أنا منك مطلقة – بفتح اللام مخففة – سقط خيارها، وإنما وقع الطلاق بقولها: اخترت نفسي، مع كونه ليس من ألفاظ الطلاق الصريح ولا من ألفاظ الكناية الصريحة، لنه جعل جواباً للتخيير فيقع به الطلاق، وقد تقدم في مباحث الكنايات بيانات الكناية الظاهرة والكناية الخفية، فارجع إليه.

وإذا ردت الطلاق، كأن قالت: رددت ما ملكتني، أو لا أقبل منك تخييرك، عمل بمقتضاه من بطلان ما بيدها وبقائها زوجة، ومثل ذلك ما إذا ردت التمليك بالفعل وهو يحصل بأن تمكنه من نفسها طائعة، وإن لم يحصل وطء، فمتى مكنته من نفسها بعد أن علمت بأنه خيرها أو ملكها أمرها فإن حقها يسقط ولو كانت جاهلة بأن تمكينها يسقط حقها ومثل تمكينها ما إذا ملك أمرها لأجنبي، ومكنه منها طائعاً، بأن خلى بينه و بينها ولم يحل بينهما، فمتى فعل ذلك سقط حقه في التمليك أو التخيير، وكذا يسقط حقها إذا حدد لها زمناً، ومضى ذلك الزمن ولم يوقفها الحاكم – يلزمها بالاختيار – فإذا قال لها: اختاريني أو اختاري نفسك في هذا اليوم أو في هذا الشهر ولم يوقفها الحاكم عند علمه، ومضى ذلك الزمن المحدد ولم تختر فإن حقها يسقط.

والحاصل أنه يشترط لبقاء الخيار أمران: الأول أن لا تمكنه من نفسها باختيارها بعد علمها بالتخيير أو التمليك، فإن مكنته سقط حقها، وإن لم يطأها، ولو كانت جاهلة بأن تمكينه يسقط حقها. الثاني: أن لا يمضي الزمن الذي حدده للتخيير أن حدد له زمناً ولتحديد الزمن حالتان:

الحالة الأولى: أن يعلم الحاكم به، وفي هذه الحالة يجب على الحاكم أو من يقوم مقامه الحيلولة بينهما حتى تجيب بالتطليق أو برد التمليك أو التخيير بلا مهلة، فإن لم تفعل قضى الحاكم بإسقاط حقها كي لا تستمر الزوجية مشكوكاً فيها زمناً.

(يتبع…)