پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج4-ص1551

وإذا قال لها: أنت طالق كل الطلاق، أو أكثر بالثاء أو أنت طالق جميعه، أو منتهاه، أو غايته لزمه الثلاث وإن نوى واحدة، وكذا إذا قال لها: أنت مائة طالق أو يا مائة طالق، فإنه يلزمه الثلاث، ومثل ذلك ما إذا شبه الطلاق بشيء يتعدد كعدد الحصى أو التراب أو الرمل أو القطر، أو الريح، أو الماء، أو النجوم، أو الجبال، أو السفن، أو البلاد فإنها تطلق في كل ذلك ثلاثاً، وكذا إذا قال لها: أنت طالق كألف، أو كمائة، فإن نوى التشبيه في الشدة لا في العدد يسمع منه قضاء.

وإذا قال: أنت طالق أشد الطلاق أو أغلظه، أو أكبره، أو أطوله، أو أعرضه، أو ملء الدنيا، أو ملء البيت أو مثل الجبل أو مثل عظم الجبل، فإنه يقع بكل هذا واحدة رجعية ما لم ينو أكثر).

————————–

3 مبحث هل للزوج أن ينيب زوجته أو غيرها في الطلاق

-قد عرفت أن الرجل هو الذي يملك الطلاق دون المرأة. وذلك لأمرين:

أحدهما: أن الشريعة قد كلفت الرجل بالإنفاق على المرأة وأولادها منه حال قيام الزوجية وبعدها إلى أمد معين، وكلفته أيضاً بأن يبذل لها صداقاً قد يكون بعضه مؤجلاً إلى الطلاق، وأن يدفع لها أجرة حضانة ورضاع إن كان له منها أولاد في سن الحضانة والرضاع وهذا كله يستلزم نفقات يجب أن يحسب حسابها بعد الفراق، فمن العدل أن يكون الطلاق بيد الرجل لا بيد المرأة، لأنه هو الذي يغرم المال، وربما كان عاجزاً عن القيام بالانفاق على مطلقته وعلى غيرها، فلا يندفع في الطلاق، ويترتب على ذلك عدم تفرق الأسرة وانحلالها، أما لو كان الطلاق بيد المرأة فإنها لا تبالي بإيقاعه عند سورة الغضب، إذ ليس أمامها من التكاليف ما يحول بينها وبين إيقاع الطلاق، بل ربما زينت لها سورة الغضب إيقاع الطلاق كي ترغم الرجل على دفع حقوقها لترهقه بذلك انتقاماً منه، وذلك حيف ظاهر تتنزه عنه الشريعة الإسلامية التي هي من عند اللّه العليم الخبير.

ثانيهما: أن المرأة مهما أوتيت من حكمه فإنها سريعة التأثر بطبيعتها فليس لها من الجلد والصبر مثل ما للرجل، فلو كان الطلاق بيدها فإنها تستعمله أسوأ استعمال لأنها لا تستطيع ضبط نفسها كما يستطيع الرجل، فمن العدل والمحافظة على استمرار الزوجية وبقائها أن يكون الطلاق بيد الرجل لا بيد المرأة.

لعل بعضهم يقول: إن كثيراً من الرجال على هذا المنوال فهم لا يبالون أن يحلفوا بالطلاق لأقل الأمور شأناً وأحقرها منزلة. بل بعضهم يحلف بالطلاق لمناسبة ولغير مناسبة، وكأن الطلاق من كلمات التسلية واللعب، والجواب: أن الشريعة الإسلامية لم تشرع لهؤلاء الجهلة فاسدي الأخلاق الذين لا يعرفون من الإسلام إلا أنهم مسلمون فحسب، وإنما شرعت للمسلمين حقاً الذين يستمعون قول اللّه وقول رسوله فيعملون به، فلا ينطقون بالطلاق إلا لحاجة تقتضيه، أما هؤلاء المستهترون الذين لا يبالون بأمر اللّه ولا ينفذون قول رسول اللّه، فإن اللّه لا يعبأ بهم.