پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج4-ص1486

-الأصل في الطلاق أن يوصف بالكراهة فكل طلاق في ذاته مكروه (1) فليس للرجل أن يطلق زوجته بدون سبب، ولذا قال صلى اللّه عليه وسلم “أبغض الحلال إلى اللّه الطلاق”، ولا يراد أن الحلال ليس فيه شيء مبغوضاً للّه تعالى، بل جميع أفراده ممدوحة في نظر الشرع فهي محبوبة، لأن المراد بالحلال ما قابل الحرام فيشتمل المباح والمكروه، والطلاق من أفراد المكروه المبغوض وهو أشد المكروهات بغضاً، فالطلاق، وإن جعله الشارع سبباً صحيحاً لفرقة الزوجين، ولكنه يكرهه ولا يرضى عن استعماله بدون سبب، ثم إن الأسباب التي تعرض للطلاق تارة تجعله موصوفاً بالوجوب، وتارة تجعله موصوفاً بالحرمة، وتارة تجعله مكروهاً، وتارة تجعله مندوباً، فيكون واجباً يجبر عليه إذا عجز الزوج عن اتيان المرأة أو الانفاق (2) عليها فإن لها أن تطلب تطليقها وتجاب إلى طلبها، على أنه يجب على الرجل ديناً في هذه الحالة أن يطلق زوجته حتى لا يترتب على إمساكها فساد أخلاقها، وهتك عرضها والإضرار بها، ويكون حراماً إذا ترتب عليه الزنا بها أو بأجنبية، أو ترتب عليه أكل حقوق الناس، ويكون مكروهاً إذا طلقها دون سبب، لما عرفت أن الأصل في عدم الجواز، ويكون مندوباً إذا كانت فاسدة (3) الأخلاق، سواء كانت زانية أو متهتكة أو تاركة للفرائض من الصلاة، والصيام، ونحوهما.

————————–

(1) (المالكية – قالوا: إن الأصل في الطلاق أن يكون خلاف الأولى، فليس بمكروه، ولكنه قريب من المكروه، وعبر من ذلك بعضهم بأنه مرجوح وعدمه راجح عليه، ويحرم إذا خشي على نفسه الزنا بها، أو بغيرها بعد طلاقها.

الحنفية – قالوا: في وصف الطلاق رأيان: أحدهما أنه جائز بحسب أصله. وهذا الرأي ضعيف. ثانيهما: وهو الصحيح الذي عليه المحققون أن الأصل فيه الحظر، وهو التحريم).

(2) (الحنفية – قالوا: أنه لا يصح لأحد أن يطلق على الآخر زوجته بأي سبب، ولكن العاجز عن الإنفاق يعزر بالسجن حتى يفارق أو ينفق، كما يقولون: أنه لا يجبر على الطلاق إلا للعجز عن الوطء بأن كان عنيناً، أو مجنوناً، أو خصياً، كما تقدم في بحث العيوب)

(3) (

الحنابلة – قالوا: في ذلك رأيان: أحدهما أن طلاق فاسدة الأخلاق مندوب ولكن المنقول عن أحمد أن طلاقها فرض خصوصاً إذا كانت زانية، أو تاركة صلاة، أو صيام).

————————–

4 مبحث الطلاق السني والبدعي وتعريف كل منهما

-قد عرفت أن الطلاق ينقسم إلى سني وبدعي، فأما السني فهو ما كان في زمن معين وكان بعدد معين (1)، والبدعي ما ليس كذلك، مثلاً إذا طلقها وهي حائض، أو نفساء. أو طلقها ثلاثاً كان ذلك طلاقاً بدعياً، على أن تعريف السني والبدعي، وما يتعلق بهما تفصيل المذاهب

————————–

(1) (الشافعية – قالوا: لا دخل للعدد في الطلاق البدعي، فله أن يطلقها ثلاثاً، ولا يقال بطلاقه: بدعي، نعم هو خلاف الأولى كما سيأتي).

(2) (الحنفية – قالوا: ينقسم الطلاق من حيث ما يعرض للمرأة من الأذى الخ إلى قسمين: سني، وبدعي، ثم إن السني ينقسم إلى قسمين: حسن، وأحسن، فأما الحسن فهو أن يطلقها طلقة واحدة رجعية في طهر لم يجامعها فيه، وكذا لم يجامعها في حالة الحيض الذي قبله، وإن أراد أن يطلقها ثانية فإنه ينتظر حتى تحيض الحيضة الأولى من عدتها وتطهر منها ثم يطلقها واحدة رجعية أخرى، وإن أراد أن يطلقها ثالثة فإنه ينتظر حتى تحيض الثانية وتطهر منها ثم يطلقها طلقة ثالثة، فالطلاق السني الحسن لا يتحقق إلا بأربعة شروط:

الأول: أن يطلقها وهي طاهرة من الحيض، والنفاس، فإذا طلقها وهي حائض أو نفساء كان طلاقه بدعياً، وهو معصية محرمة.