پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج4-ص1484

وإذا كتب لها: إذا قرأت كتابي فأنت طالق وكانت تعرف القراءة والكتابة، فإنه لا يقع طلاقها إلا إذا قرأت صيغة الطلاق، أو طالعتها وفهمتها وإن لم تتلفظ بها، ولا يكفي في هذه الحالة أن يقرأه عليها غيرها، فلو عميت قبل أن يأتيها الكتاب وقرأه عليها غيرها لا يكفي، أما إذا كانت أمية لا تعرف القراءة والكتابة وكان الزوج يعلم حالها، فإنها تطلق إذا قرأه عليها غيرها، بخلاف ما إذا لم يعلم الزوج حالها، فإنها لا تطلق إذا قرأه الغير عليها لاحتمال أنه يقصد تعليق طلاقها على قراءتها بنفسها، فإذا كان يعلم أنها أمية وكتب لها ذلك ثم قبل أن يصلها الكتاب تعلمت القراءة والكتابة، فالمعتمد أنه يقع الطلاق عليها بقراءتها وبقراءة غيرها عليها.

الحنابلة – قالوا: الإشارة لا يقع بها الطلاق من القادر على النطق، وفاقاً للحنفية، والشافعية وخلافاً للمالكية، أما من الأخرس، فإنه يقع بها الطلاق فإن كانت واضحة يفهمها كل أحد كانت كاللفظ الصريح، وإن كان يفهمها البعض دون البعض كانت كالكناية بالنسبة إليه بحيث يبين أنه نوى الطلاق.

أما الكتابة فإن الطلاق يقع بها، سواء صدرت من قادر على النطق، أو أخرس. فإذا كتب زوجتي فلانة طالق فإنها تطلق منه بدون نية، لأنه صريح لا يحتاج إلى نية، فهو كاللفظ سواء بسواء، نعم إذا نوى به غير الطلاق، كما إذا نوى تجويد خطه، أو إغاظة زوجته، أو تجربة قلمه فإنه يكون على ما نوى به غير طلاق، لأن له ذلك في اللفظ الصريح، فلو قال لامرأته: أنت طالق ونوى أنها طالق من وثاق، فإنه لا يقع عليه الطلاق، وهل يقبل منه ذلك قضاء. أو لا؟ أما في اللفظ الصريح فإنه يقبل منه على قول، أما في الكناية فإنه يقبل منه بلا خلاف، فإذا كتب الطلاق بلفظ الكناية كأن قال: امرأتي فلانة خلية، فإنه يكون طلاقاً إذا نوى الطلاق. ويشترط أن يكتبه على شيء تثبت فيه الكتابة، أما إذا كتب بأصبعه على وسادة، أو على الماء أو في الهواء فإنه لا يقع به عليها طلاق، لأنها بمنزلة الهمس الذي لا يسمع.

والحنابلة كالشافعية والحنفية، يشترطون لإيقاع الطلاق أن يكون باللفظ المسموع، وخالف المالكية في ذلك كما ذكرناه في مذهبهم).

(6) (الحنفية – قالوا: الذي قسم هذا التقسيم هو ابن القيم الحنبلي، وقد اختار أن طلاق الغضبان بالمعنى الثالث لا يقع، والتحقيق عند الحنفية أن الغضبان الذي يخرجه غضبه عن طبيعته وعادته بحيث يغلب الهذيان على أقواله وأفعاله فإن طلاقه لا يقع، وإن كان يعلم ما يقول ويقصده لأنه يكون في حالة يتغير فيها إدراكه، فلا يكون قصده مبنياً على إدراك صحيح، فيكون كالمجنون، لأن المجنون لا يلزم أن يكون دائماً في حالة لا يعلم معها ما يقول: فقد يتكلم في كثير من الأحيان بكلام معقول، ثم لا يلبث أن يهذي.

ولا يخفى أن هذا تأييد لقول ابن القيم، غاية ما هناك أن ابن القيم صرح بأنه لا يكون كالمجنون، وهذا يقول: إنه كالمجنون، وبالرغم من كون ابن القيم حنبلي المذهب فإن الحنابلة لم يقروه على هذا الرأي.