پایگاه تخصصی فقه هنر

الفقه علی المذاهب الاربعة-ج4-ص1482

والحاصل أن الطلاق يقع بمجرد كتابته إذا نوى الطلاق، أو لم ينو شيئاً. سواء خرج الكتاب من تحت يده، أو لم يخرج. وسواء وصل إلى الزوجة أو وليها أو لم يصل، أما إذا كتبه وهو متردد في أمره، بمعنى أنه ينوي أن يكون له الخيار في إنفاذه أو لا، أو يستشير أباه أو غيره فإنه لا يقع عليه الطلاق ما دام الكتاب في يده، فإذا خرج من يده فلا يخلو إما أن ينوي عند خروجه طلاقها، أو لم ينو شيئاً. وفي هاتين الصورتين تطلق وإن لم يصلها الكتاب، أما إذا خرج من تحت يده وهو متردد في الأمر فإنها لا تطلق إذا وصل إليها الكتاب.

هذا، وإذا كتب إليها: إن وصلك كتابي فأنت طالق، فإنها تطلق عند وصول الكتاب إليها باتفاق، فإن وصل إليها وهي حائض طلقت، ويجبر على رجعتها على الوجه المتقدم في الطلاق البدعي، وهذا بخلاف ما إذا كتب إليها إذا وصلك كتابي فأنت طالق، بإبدال لفظ “إن” بلفظ “إذا” فإن في ذلك خلافاً، فبعضهم يقول: إن تحتمل الشرط وتحتمل الظرفية، فتطلق بمجرد كتابته بخلاف إذا، فإنها لمجرد الشرط فلا تطلق إلا إذا وصل إليها، وبعضهم يقول لا فرق بين “إذا” و “إن” فلا تطلق إلا إذا وصل إليها الكتاب في الحالتين.

الشافعية – قالوا: الإشارة لا يقع بها الطلاق من القادر على الكلام بأي وجه وعلى أي حال، كما لا يقع بالنية ولا بالكلام النفسي، بل لا بد من التلفظ به ولا بد من أن يسمع به نفسه في حالة الاعتدال، فلو فرض وتكلم به وكان سمعه ثقيلاً، أو كان بحضرته لغط كثير، فلا بد من أن يرفع به صوته بحيث لو كان معتدل السمع لسمع بهذا الصوت، فلا يقع بتحريك اللسان من غير أن يسمع نفسه، فإذا قالت له المرأة: طلقني، فأشار إليها بأصابعه الثلاثة أو أشار إليها بيده أن اذهبي، أو قطع خيطاً بيده، أو نحو ذلك فإنه لا يعتبر وذلك لأن عدوله عن اللفظ إلى الإشارة يفهم منه أنه غير قاصد الطلاق، فلا يعتبر حتى ولو قصد بها الطلاق، وذلك لأنها لا تقصد للإبهام إلا نادراً، فلا تعتبر إلا في ثلاثة أمور، وإحداها: الإفتاء، فإذا قيل للعالم: أيحل أكل الأرنب؟ فأشار برأسه نعم، فإنها تكون فتوى يصح نقلها عنه، وهكذا.

ثانيها: الإذن بالدخول، فلو استأذنت أن تدخل داراً فأذنك سيدها بإشارته فإنها تصح.

ثالثها: أمان الحربي، فإذا أمنه بإشارته لزم الأمان.

أما إشارة الأخرس فإنها تعتبر في الطلاق وغيره من العقود، سواء كان خرسه عارضاً أو ولد وهو أخرس، إلا إذا اعتقل لسانه وكان يرجى برؤه بعد ثلاثة أيام، فإنه يجب أن ينتظر حتى يبرأ ولا يعمل بإشارته إلا للضرورة، كما إذا كان الحاكم قضى باللعان بينه وبين امرأته وقت خرسه، فإن اللعان يصح بإشارته، بشرط أن تكون مفهومة، ثم إن كانت واضحة بحيث يفهمها كل أحد كانت بمنزلة اللفظ الصريح، وإن كانت دقيقة لا يفهمها إلا النبهاء كانت بمنزلة الكتابة، أما إذا لم يفهمها أحد فإنها لا يعتد بها أصلاً.